Thursday, October 30, 2008

عندما يتخيل العقاد


 


«عباس محمود العقاد»، انطق هذا الاسم الآن!، ألم تحس بالرهبة!، لا يهم إن لم تكن تعرف الشخصية من قبل، يكفيك النظر إلى الشارع المسمّى باسمه، شارع طويل على جانبيه تتكدس عشرات المحلات بما تحتويه من آلاف السلع، وآلاف السائرين ليلا ونهارًا، وآلاف الرغبات.


وهو أيضًا مثل هذا الشارع طويل مهيب ويحمل آلاف الآلاف من المعلومات والمعرفة، ويقرأ الملايين كتبه التي مازالت طبعاتها تتوالي، ويجدون جميعًا في كتبه ما يريدون على اختلاف أهوائهم، فهذا الرجل عملاق ولا أجد كلمة أخرى يمكنها أن تختصر حياته الحافلة غيرها!


هذا الرجل قد يمتعك جدًا ويفيدك جدًا عند قراءتك لفلسفته .. لنقده .. لتحليله .. ليومياته .. لمقالاته .. لدراساته الإسلامية والأدبية والتاريخية .. لترجماته .. لشعره .. لقصصه الصغيرة .. لسارته!، أي روايته الوحيدة  التي كتبها باسم «سارة»!


وكما ترى فالمزيج الذي بأعلى هو مزج بين النوع العقلي والنوع الخيالي، فطبيعي أن يحدث خلط بينهما أحيانًا، وحدث هذا الخلط لدى العقاد في إحدى مقالات كتابه «الإسلام دعوة عالمية»، ففي هذا المقال العجيب تناول العقاد فكرة للأديب الروسي «ديستوفيسكي» قالها في روايته «الإخوة كرامزوف» وهي عن عودة السيد المسيح عليه السلام للأرض وأخذه في وعظ الشعب والتبشير بالملكوت، إلى أن انتهى الوقف بطلب رجال الدين المسيحي من المسيح أن يرحل من مدينتهم وإلا سيضطرون لصلبه مرة أخرى!، لأن الناس أصبحت تستمع إليه وإلى  عظاته وحده وأصبح لا أحد يأتيهم!.


هذه هي الفكرة التي تخيلها الأديب الروسي، فماذا فعل العقاد؟!، طبيعي أنه تساءل وقال: وماذا لو عاد محمد عليه السلام مرة أخرى للأرض في هذا الزمان!، ماذا قد يحدث!


تعالوا نرى كيف أجاب العقاد على هذا السؤال الافتراضي ..


قال العقاد أن الرسول الكريم إذا عاد إلى الأرض فترة قصيرة من الزمان فأنه – أي العقاد – سيكتفي بسؤاله عن خمس مسائل فقط، كما قال، فلا لجاجة ولا اختلاط ولا حاجة إلى الاجتهاد والتأويل من مجتهد أو مقلد، وما أشبه الاجتهاد والتقليد في هذا الزمان!، ما سبق هو كلام العقاد.


أما هذه الخمس مسائل فهي ..      


              


مسألة الأحاديث النبوية .. مسألة الروايات في قراءة القرآن المجيد .. مسألة الخلافة والملك .. مسألة الرسالة والنبوة بعد خاتم المرسلين .. ومسألة المذاهب الاجتماعية الحديثة وحكم الإسلام عليها وقول نبي الإسلام فيها!


 


حتى هنا والكلام جميل، ولكن كيف التطبيق!، ثم أخذ في تفصيل كل مسألة، فالمسألة الأولى يقول فيها "وكلمة واحدة من فمه الشريف عليه السلام ترد الأمور جميعها إلى نصابها: "لم أقل هذه الأحاديث"، وينتهي القال والقيل ويبطل الخلاف والجدال، ويبطل معهما بلاء أولئك المحدثين الذين يستندون إلى الحديث الكاذب في التضليل وترويج الأباطيل"


يا ليت ذلك!، ولكن مرة أخرى كيف، أن الأحاديث النبوية المتكدسة داخل كتب الصحاح والسنن والأحكام وكتب السيرة والتاريخ، تقدر بآلاف الآلاف، كيف يمكن أن يتسع وقت أحد في تلك الـ«فترة القصيرة من الزمان» لبيان الرأي الفاصل في تلك الأحاديث كلها، بالتأكيد الأستاذ العقاد يدرك هذا وإنما أسرف في التخيل.


أما في باقي المسائل فقد يتسع الوقت لها، وهي في رأي العقاد تتمحور حول إبداء الرسول الكريم الرأي حول نظام الاشتراكية فقط!، وأن يسجل بصوته الشريف القرآن الكريم كاملا ليحل بذلك وللأبد حكاية تعدد الروايات القرآنية!


ولا ينسى الأستاذ عباس العقاد أن يقول أنه عند معرفة إجابات هذه المسائل الخمس فأنه سيأتي على «الهامش»! سؤال الرسول عليه السلام أسئلة عن ترجمة القرآن وعن حقوق المرأة وعن الفتاوى المختلفة وعن أحاديث شتّى مما يتحدث عنه الصحفيون وأشباه الصحفيين!، هذا ما قاله.


يا إلهي!، سيكون يومًا مرهقًا للغاية!


 

7 comments:

fofa said...

أحسنت
بوست جميل اوي
ميرسي على المعلومات دي
دايما موضوعات حضرتك على البلوج فيها شئ مختلف بجد

Rehab said...

الحقيقة مقريتش الاخوة كارمازوف ..لكنها فى قائمة ما اريد قراءته..عن العقاد..أسلوبه دسم ..يثرى قارئه..
رائع عرضك للفكرة أسلويها
تحياتى

أحمد فضيض said...

@fofa
د.فوفا العفو وزورونا تجدوا ما يسركم :D

بمزح وأسعدني تعليقك الأول بجد ومستني عودة الحياة لمدونتكن

---
@rehab
د.داليا
يوجد توضيح:
أنا لم أنتبه بنفسي بأن الفكرة سبق تناولها وأن العقاد أخذها بدون أن يشير لذلك، بل العكس فالمقال ابتدأ بتذكير القارئ بذلك الموقف من الرواية ثم بدأ في طرح السؤال الافتراضي المعدل

هذا للتوضيح فقط :D

والعقاد بالفعل عبقرية لا تصدق، وسأنزل إن شاء الله موضوع آخر به مواقف عن العقاد، بعيدًا طبعًا عن ما ذكر في الكتاب الأشهر "في صالون العقاد كانت لنا أيام" لأنيس منصور
عشان شهرته بتفوق كل ما كُتب عن العقاد

وشكرًا للرد ولعودة الاهتمام بمدونتك مرة أخرى :)

Anonymous said...

جميل اوى
معلومات جديده عن الاخوه كارمازوف و عن تخيلات العقاد

العقاد عموما بيحيرنى اسلوبه
ساعات مافهمش منه حاجه و ساعات بحس اسلوبه سهل

بقالى كتير مادخلتش
يارب يكون اسم الأكونت صح !


..
ملحوظه الاسم صحيح لكن الباس وورد مافتكرتهاش :(

نعكشة said...

هوه انا معنديش معلومات فظيعة عن عباس محمود العقاد
بالرغم اننا عندنا كتاب لية اسمة عبقرية عمر اللي برضو مقريتهوش للأسف

لإني فاشلة في القرآءة

بالنسبة بقة للمقال

مش عارفة احساس داخلي جوايا بالاعتراض
برغم اني كان نفسي اعيش في فترة زمان ايام النبوة

المهم

عندي اعتراض علي القراءات بتاعت القرآن
لإن القرآن اصلا لية كذا قرآءة حسب لهجات العرب
كلها عن الرسول عليه افضل الصلاة و السلام
و ليس قراءة واحدة

اما بالنسبة للأحكام ماهو بعد فترة رجوع النبي عليه افضل الصلاة و السلام
هتطرأ اسئلة جديدة و فتاوي جديدة
يلزم فيها جتهاد العلماء

ومعتقدش رجوعة (عليه افضل الصلاة و السلام)مرة اخري هيحلها و إلا هيفضل يرجع علي طول

احساس داخلي برضو بالاعتراض
علي الفكرة نفسها

تسلم عالمقال

سلام عليك

أحمد فضيض said...

@!
العقاد عموما بيحيرنى اسلوبه
ساعات مافهمش منه حاجه و ساعات بحس اسلوبه سهل

بقالى كتير مادخلتش
يارب يكون اسم الأكونت صح !
----

لا مش صح :D
بس أيّ مَن كنت فتعليقك جميل، ودي فعلا خاصية العقاد

أحيانا كما قلت يكون حديثه السهل الممستنع فعلا ويجعلك تضحك وتفكر في سهولة، مثال ذلك كتبه عندما يتحدث عن مطالعاته وخواطره

وعلى العكس يكون الأمر معقدا أول مرة عندما يتحدث عن الفلسفة زي المذاهب المختلفة ونشوء فكرة الله والشيطان في كل الأمم السابقة حتى الآن!
فهنا يكون صعبًا قليلا

بس دي أول مرة وعند القراءة الثانية الأمر هيتحسن إن شاء الله :D

----
@ د.نعـــــــــــكشــــــــــــــــــــــــــــــــة

شكرا للاستجابة السريعة :D

ومرة طه حسين قال أن ابنه كان مقرر عليه في المدرسة كتاب عبقرية خالد بن الوليد للعقاد طبعًا ، فطلب منه الابن أن يشرح له الأب طه حسين هذا الكتاب!
فقرأه طه حسين وقال أنه شعر بالحيرة أيضًا :D

مفيش حد أحسن من حد :D

وبالنسبة للنقطة التانية أنا فعلا كنت عاوز أبعد قدر الإمكان عن عدم منطقية العقاد المطلقة هنا!

بس طبعا مقدرش أقرب من شخصيته بالجرح! فاكتفيت بوضع كثير من علامات التعجب، وترك الباقي على القارئ

وهو مقال وحيد فقط لن يؤثر :D

شكرًا على المرورر د.نعكشة

نعكشة said...

نظرية برضو

عامتاً هذا لا ينفي انه كاتب رائع
انا فاكرة اننا درسنا حاجة عنة في العربي زمان و كان باين لما راح السودان ألف كام كتاب كدة
و قعد يدور هناك علي كتب يقراها برغم قلتها


عامة مقدرش اقول حاجة غير انه كاتب رائع

ولازلت علي اعتراضي عالمقالة

مقالة واحدة لن تؤثر
لو كان رجع في رأيه فيها
انما لو قالها و انتهجها ناس من بعدة
فإنها ستؤثر

عامة

انا لسة مش دكتورة

لسة بدري قوي

سلام عليك