Monday, December 15, 2008

رائحة الخشب


 


أحب أجواء المسرح!، ويوجد فرق بالتأكيد عندما تشعر أن أداء مَن على خشبة المسرح موجه إليك، وحماسهم في الأداء هذه الليلة من أجل إمتاعك أنت ومَن معك في هذا المكان، وهذا لا تشعر به أمام شاشة السينما أو التليفزيون، فهما تطورت السينما ومؤثراتها فأنه يظل للمسرح طعم خاص مميز يحبه الجميع ولا يجدونه في السينما والتليفزيون.


وقالوا: أنك تحتاج لوجود ثلاث أشياء في صالة المسرح، العرض المسرحي المكتوب، والممثلين، والجمهور .. وكلٌ منهم يجب أن يساهم بشيء ما.


والفنان «فؤاد المهندس» قال بأنه رغم تمثيله في عشرات الأفلام إلا أنه لا يحسّ بسحر التمثيل ومذاقه إلا عندما يشم رائحة خشبة المسرح ومواجهة الجمهور، أي أن هذا هو أساس التمثيل، مواجهة النقد وجهًا لوجه ورؤية الأثر سريعا في صيحات الاستهجان أو موجات التصفيق، والمسرح أيضًا يعوّد الممثل المسرحي على النظام والانتظام، فهذا ليس دورًا يؤديه مرة واحدة وإن أخطأ فلا بأس فهناك المونتاج!، لا!، يجب إتباع النظام والتعوّد عليه، والمسرح صعب على الممثل، فهو مطالب بأن يؤدي العمل نفسه كل مرة خلال فترة العرض التي قد تمتد لأشهر، والسحر هنا بأنه مطالب في كل مرة يعتلي فيها خشبة المسرح بان يجعل هذه المرة كأنها المرة الأولى، بنفس حماسها واتقادها.


وفي إحدى مسرحيات «يوسف وهبي» كان هناك دورا ثانويا لشخصية حارس السجن في الفصل الأخير، مهمته أن يقول كلمتين ثم يقتاد الشخص الذي يقوم بدور المحكوم عليه للخارج، ثم يقف بعد ذلك «يوسف وهبي» ويقول خطبة نهائية ثم يغلق الستار؛ والذي حدث في إحدى المرات أن القائم بدور هذا الحارس شعر بالملل فأحب أن يزيد مساحة دوره قليلا جدا، وفعل ذلك مقولة صغيرة من ثلاث كلمات فقط باللهجة الصعيدية قالها وهو يقتاد المحكوم للخارج، إلا أنه بعد فعلته هذه رأى علامات الامتعاض على وجه «يوسف وهبي» وأحس من وراء الستار بأن خطبة «يوسف وهبي» الأخيرة كانت فاترة وأن تصفيق الجمهور عندما نزلت الستارة كان جامدا بلا إعجاب، ورأى «يوسف وهبي» يتجه نحوه ويقول بان هذه هي المرة الأخيرة له وليأخذ أجره المستحق وليخرج للأبد!، لأن من ألف باء الفن المسرحي للممثلين هو Play out the play! بمعنى أخر أن لا تخلط الهزل بالجد وإن كان هذا الجد يعتبر هزلا لدى الآخرين!


 

4 comments:

HaNoDa said...

رهبه خشب المسرح تذكرني بخشب المدرج :D


عندما تقف لتلقي اي كلمه علي الطلاب الغفييره

حقيقي رهبه لا يمكن التغلب عليها
!!

أحمد فضيض said...

خشب المدرجات :D

بصراحة وجهة نظر مخطرتش ليا خالص، وأظن أن السبب ممكن تخمينه بسهولة :D

وبعدين في خبر سعيد، هو أن أم كلثوم حتى كانت بتعاني من مشكلة الجماهير الغفيرة، ومرة واحد أديب لاحظ أنها كانت طول الحفلة كانت مركزة عينيها على شيء ما في آخر الصالة، واكتشف بعين أنه شخص أعمى جاء للاستماع إليها وهي لا تعرفه، بس ركزت عليه محاولة منها للتغلب على رهبة الوقوف أمام آلاف المستمعين

بسيطة :D

fofa said...

هي فعلا شئ صعب اوي
مش بسهولة الواحد يقف قدام الكم دا كله
ويوصلهم احساس ما
بتبقى محتاجة حركة تانية القاء تاني نظرات تانية
حاجة مختلفة تماما عن سينما وتلفزيون

أحمد فضيض said...

د.فوفا

محدش بيحب المسرح ليه
:D

ومثال تاني، كان يوسف وهبي هو كمان بيعشق رائحة المسرح والكواليس ومواجهة الجمهور، وقال حتى أنه في أيام مرضه وارتفاع درجة حرارته فالشيء الوحيد اللي كان بيخليه يشعر بالتحسن هو اعتلاء خشبة المسرح مرة أخرى

وهو فعلا مش سهل محدش قال العكس، وأهميته هو أن معدن الممثل الحقيقي بيختبر بادائه على المسرح مش بظهوره على السينما والتليفزون

وكل حاجة وليها صعوبات يعرفها أهلها

أسعدني مرورك هنا :)