Thursday, June 2, 2011

شئٌ بي






كانت الورقة تقول (يسر مسجد كذا أن يعلن عن قيام الدورة الصيفية في تحفيظ القران الكريم بعد صلاة العصر)، ورأيته وهو يكتب شيئًا على الورقة وفي يده قلم، فاقتربت منه بدوري لفضولي تجاه ما سيكتبه ولأنني كنت قريبًا منه أيضًا، فرأيته يضع حرف الهمزة بين الراء والأف في كلمة (القران) كما وردت في الورقة!، فقلت له مباغتًا من الخلف: كان من الأنسب أن تكتب علامة المد على حرف الألف، فلم يلتفت نحوي ليرى هذا الفضولي غير المتأدب – أي أنا! - وقال في هدوء: (افتح المصحف وستجدها هكذا!) ..

كانت حجته مفحمة صراحة وأعجبت بهدوئه أيضًا، ولكن لشيءٍ ما بي، لم أحب تجاهله لي!، فانتظرت إضافته لشيءٍ آخر على الورقة، فلما لم يفعل قلت في سخرية خافتة لا تُلاحظ:
أقرأت القرآن؟

ألتفتَ إليَّ – أخيرًا!! - وقال في دهشة وكان ملتحيًا وعلى جبينه أثر السجود: نعم!

فقلت:
إذن لمَ تركت كلمة (الصلاة) كما هي في الورقة، بينما هي في القرآن تكتب بالواو (الصلوة) ..

ثم قلت قبل أم ينبس ببنت شفه في استفزاز – وهي عادة سيئة بي! - :
إن لم تعدّل كلمة الصلاة وتكتبتها بالواو في الإعلان، فسأشطب على همزة القرآن وأكتب علامة المد فوق الألف!


فنظر إليّ طويلا في استغراب وإنكار!

فوددت وقد أخذني حب الكلام وأخذتني ثقتي أيضًا في أنه سيفهم ما سأقول!، إلى التحدث إليه عن اختلاف الرسم العثماني عن طريقة كتابتنا الحالية، وأن طرق الرسم العثماني لا تخضع لقاعدة يُقاس عليها، لكي نعتمدها طريقةً في الكتابة العادية لا في كتابة القرآن فقط ..

أقول وددت، فلم يكن ورائي شيئًا وقتئذٍ، ولكن قبل ذلك، أنتبهت فجأة، وأتسع المدى أمامي، لأكتشف – في غرابة – أن هناك عينين تنظران إلىَّ من وراء نقاب، لم ألحظهما، لأن المكان كان مظلمًا ونحن بعد صلاة العشاء ورواد المسجد يخرجون حوالينا، وأتسع المدى أكثر لألمح طفلا صغيرا بجانب المرأة المنتقبة ينظر إليَّ أيضًا من أسفل – لا شك إنني كنت شاردًا إلى هذه الدرجة، ولكن لا جديد في هذا!

ولم أحتج للتفكير كثيرًا، فهذه زوجته وهذا ابنه!، ولا داع لتفكر أنت أيضًا فما استطعت أن أقول الذي كنت أرغب في قوله!، وجاءت لي هذه الفكرة الغريزية التي تحثني على سرعة إيجاد منفذ خروج كريم له، فتراجعت خطوتين وقلت في أكثر نبرةٍ لطيفةٍ أستطعتها –!!-  وأنا أتأهب للابتعاد أكثر:
-       أنت محق أيضًا، وفي الحالتين المعنى مفهومًا، وهذا هو المهم، أليس كذلك؟ :)

• •


هامش!
حسنًا، لم أعدّلها بعدُ ولا أظنني سأمحو همزته التي تركها بين الراء والألف، لأتذكر (قلة أدبي) كلما مررت بالإعلان!

No comments: