Wednesday, June 20, 2012

روحٌ استشفَّتْ الغيبَ وأخرى مُصمتة







استيقظ صالح جودت في الصباح والدموع تبلل خديه!، دونما سببٍ ظاهر، وفزعت والدته لرؤيته هكذا وسألته عما به!، فأجاب من بين دموعه: شوقي مات!


.

.


كيف عرفَ أولاً؟!، فلم تكن مصر قد علمت بالخبر بعد، فشوقي أسلمَ الروح في الثالثة صباحًا من فجر يوم 14 أكتوبر 1932، وما كان ثمة وجود لـ«تويتر» و«خدمة الرسائل العاجلة» - بعدُ - ليعلم صالح بالخبر ويتيقن منه رغم كونه حلمًا ويبكي له فور استيقاظه إلى مطلع الصبح، ولكن صالح جودت أماط اللثام عن هذه القصة بعد مرور السنوات والعقود، أخبرنا بالسرِّ!، قال في بساطة: أن بينه وبين شوقي صلة وجدانية ورابطة روحية! ؛ هذا مع أن صالح جودت كان في نضارة العشرين من عمره عند وفاة شوقي في كهولة الستين، وهو لم يقابله قط أثناء حياته، على أي حال لا ضرورة لتلاقي الأجساد حينما من الممكن أن تتلاقي الأراوح!

.
.

صالح جودت مرة أخرى، وخلال ظلام النكسة الداهم، وفي مفتتح عام 1973، كتبَ وكأنَّ الشُفوف قد رُفعت أمامَه، كتبَ:


نستقبل مطلع العام هذه المرة، وقد قررنا أن ننزع الغصة من قلوبنا، ونقتلع الحداد من أعماقنا، ونقبل على المعركة الضارية، ونتحمل تضحياتها ولو هلك منا نصفَ تعدادنا، ليعيش النصف الآخر مرفوع الرأس موفور الكرامة، على أرضٍ حرة، وتحت راية خفاقة بالنصر.

نستقبل مطلع هذا العام وملء قلوبنا الأمل، وملء أعماقنا الإصرار على أن تكون سنة 1973 هي السنة الفاصلة في تاريخ الأمة العربية، فأما أن نكون أبدًا، أو لا نكون أبدًا .. وسنكون بإذن الله

وإن ينصركم الله فلا غالب لكم



صالح جودت
 يناير 1973



•• 


والروحُ الأخرَى: أنا!، فقد فُقد غرض لأمي، وقلتُ سيكون يوم الثلاثاء (الأمس) هو يوم إيجاده، وذلك بعد مرور ما يقرب من أسبوعين دونما أمل!، وقلتُ ذلك على سبيل التيقن!، فجاء يوم الثلاثاء، وأوهموني أنه عُثر عليه! - وصدقتُ كالعادة - ثم قالت أمي: الحمد لله، ولكن كيفَ عرفتَ بسرِّ يوم الثلاثاء؟، فأجبتُ مشيرُا إلى نفسي بحركة مسرحية جديرة بمسرح موليير  الخالد:

- لأنني من ذوات الأرواح الشفافة يا ماما!


.

.


والآن وبعد جلاء الوهم وسطوع الأنوار، لنقل وحسب إنهم أمسكوا عليَّ شيئًا لن يفلتوه قريبًا!

No comments: