Saturday, June 23, 2012

المَوْر






هو كوبري من الحديد ينيره مصباحٌ وحيدٌ من منتصفه، وهو موجودٌ منذ العهد الأول، وقفتْ على دعامته العالية حمامةُ نوحٍ قبل هبوطها إلى الأرض الطيبة، وعبرت عليه البتول مريم مع رضيعها طلبًا للراحة والملجأ، وصعد لقمان الحكيم درجاته واحدةً إثر واحدةٍ وهو يعظ ابنه، وصعد عليه رجلٌ طيبٌ وأشار بمحجنه إلى السماء وهو يقول: لاهمَّ!، حوالينا ولا علينا!، وقف عليه الحبر الأعظم عليٌّ غاضبًا مرددًا: لله أنتم!، أتتوقعون إمامًا غيري يطأ بكم الطريقَ، ويرشدكم السبيلَ؟!، هيهات!


ومررتُ عليه وأنا في الرابعة من عمري في رائعة النهار، عدوتُ على درجاته، ولامستُ السماءَ فرحًا.

ثم مررتُ عليه وأنا في الرابعة عشرة، ووقفت عند أعلاه ونظرت للأفق الزاهي على مدى البصر!، ثم هبطَ الظلامُ وأُنير المصباحُ، فقلتُ: نورٌ يبدد الظلامَ فلنعب ونلهو حتى مجيء الصباح.

ثم مررتُ عليه وأنا في الرابعة والعشرين وما تذكرتُ إلى الآن ماذا رأيتُ مما حولي وأنا في رائعة الصباح!، ثم هبطَ الظلامُ وأُنير المصباحُ، فقلتُ: نورٌ يبدد الظلامَ ويبعد الذئابَ، فتمرَّ الظباءُ آمنةً من مراتعهنَّ إلى كُنْسِهنَّ.

ثم مررتُ عليه وأنا في الرابعة والأربعين وأنا مثقلٌ، أخشى الضارب والسارق والخاطف، وهبطَ الظلامُ فحمدتُ حراسةَ المصباح!

ثم مررتُ عليه وفي ساقي أثرٌ لجرح قديم وفي يدي عصا، وكنتُ تعبًا بَيْدَ إني أدركتُ إن المصباح لا يخلق لي ظلاً على الأرضِ، فاغتممتُ، ورفعتُ العصا لأحطم المصباح، اخطأته في وهنٍ!، ولكنّ ارتطام عصاي بالحديد أحدث صدىً ضئيلا، لم اسمعه وأنا أوليه ظهري هابطًا من الناحية الأخرى.



1 comment:

Unknown said...

C'est La Vie ..
"أحببت "هنا .. :)
تحياتى