كان الأمر الممتع في اكتشاف أن الأستاذ الدكتور/ يحيى هاشم حسن فرغل، يسكن بالقرب منا، وأن أبنه صديق لخالي منذ زمن بعيد، كان الأمر الممتع في ذلك أني حصلت على مجموعة من كتبه التي قام بوضعها، بصفته عميد كلية أصول الدين بالأزهر سابقًا، وسألت لماذا أغلب هذه الكتب غير منتشرة وتم طبع كثير منها في مطابع ودور نشر مغمورة وعلى نطاق ضيق، وكانت الإجابة: هذه الكتب ليست روايات ولا تحمل أغلفتها صور فتيات جميلات.
كان خالي يمزح :)
ثم قابلت بعد ذلك بأيام ابن المؤلف، وسألني ما الذي أعجبك في كتب والدي حتى الآن، فقلت ضاحكًا: رأيه في الزواج العرفي بالتأكيد!
أما لماذا قلت هذا؟، فلأن والده استعرض أسس الزواج العرفي وقواعده، وقال بعد كلام كثير أنه على أكمل ما يكون الحلال، وليس كما قال آبائنا وأجدادنا من قبل "زواج مشبوه .. وزنا فاضح!"
وماذا قال أيضًا، وسأكتفي نقل المعنى، قال أن الزواج العرفي يعني أنه غير موثق من الجهاز المدني مما يعرضه لمخاطر إسقاط الدعوى أمام المحاكم وضياع الحقوق وما إلى ذلك، ثم يقول بعد كلام كثير وبعد مهاجمة هذا الدستور القانوني أنه يكفي أن نعلم أن صورة الزواج العرفي بدون توثيق سارية في بعض البلدان العربية عند جماعات البدو، وسكان الواحات لا يزالون يعيشون عصر القبائل فتتصاهر الأسر ويتم الزواج والإنجاب بعيدا عن أعين الدولة وقانونها ولا يستطيع أن يقول أحد أن هذا الزواج وإن خلا من التوثيق غير صحيح، ثم يقول: ولم نعرف أن مذهبًا من المذاهب جعل التوثيق أمام موظف النظام المدني شرطًا أو ركنًا من أركان الزواج، فكان هذا إجماعًا على صحة الزواج بغير هذا التوثيق، أي أن تحريمه مخالفًا للإجماع.
ثم يترك هذه النقطة بعد الانتهاء من تفنيدها، ويأخذ في مواجهة النقطة الثانية، وهي اشتراط الأهل، فهو أولا يسوق حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي عليه السلام "أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل"، فيقول أن هذا الحديث ليس في البخاري ومسلم، ويستقبله بصدر رحب ثم يأخذ في تتبعه من مصادره ثم يورد أحاديث صحاح أخرى في نفس المضمون ويتناولها بالتأويل والتفسير، ثم يأخذ في تتبع سند حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، إلى أن أسقطه وساق بذلك أدلة أصحاب مذهب أبي حنيفة في ذلك، وقال متسائلا: كيف تجالهنا فجأة مذهب الإمام أبي حنيفة في الموضوع كأنه لم يظهر إلى الوجود، ومن يملك أن يوصد أبوابه أمام من يأخذ به في هذه المسألة من الشباب، وسخر قائلا بأن في عقد الزواج المصري يصرح به عادة بأنه (على كتاب الله وسنة رسوله وعلى مذهب الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان) وقال أليس هذا من التناقض؟
فمذهب أبي حنيفة لا يشترط بأي حال وجود الولي في الزواج وجواز زواج البكر والثيب بدون ولي، وصحة ولاية المرأة عن نفسها، وذكر قول الإمام الطحاوي الذي روى عن عمر وعلى وابن عمر رضي الله عنهم جميعًا قولهم بجواز زواج النكاح بغير ولي.
الكلام في هذا يطول، ولكن هناك نقطة هامة، وهي أن الكاتب لا يدعو أبدًا إلى الزواج العرفي والترويج له، وساق مثال لهذا وقال: هل يلزمنا أن نأكل لحم الضب أو الجراد لأنه حلال؟ إن هناك فرقا واضحا بين موقف الدعوة لشيء وموقف الالتزام بحل ما أحل الله.
فالكاتب يرى أن هناك من الشباب بسبب وطئه الظروف الاقتصادية وتعنت أهل الزوجة كثيرًا في مطالبهم وأتخيرهم سن زواج البنت إلى لما بعد الثلاثين، ارتضوا هذا الأسلوب في الزواج حماية لهم من أشياء كثيرة، ثم واجهوا في ضعف نظرة المجتمع لهذا النوع من الزواج بأنه زنا، فأحب الشيخ أن يوضح أن هذا الزواج العرفي لا يعارض الدين الإسلامي في شيء.
ولكنه كما ذكرت يورد في نهاية الخطبة قوله بأنه مع زواج المرأة بولي، والنصيحة غير الفتوى، فهو لا ينصحها بأن تتخلي عن الولي عند الزواج، لأن ذلك يمثل دعم وحماية لها، لا لأسرتها كما يعرض الناقدون، حماية لها بقاعدتها الأسرية عند الخصومة مع زوجها أو مع أهله، وهي من يفترض أن تكون الأشد حرصا عليه من الولي نفسه .. ما سبق كان كلام الكاتب.
وكنت أمزح بالتأكيد في عندما سألني ابنه عن أكثر ما أعجبني في مؤلفات والده الدكتور .. ولكن .. لحظة لماذا أراكم تبتسمون الآن؟؟!!
2 comments:
بصراحة انا توهت معاه
مش عارفة هو عايز يوصل لايه
يعني هو معاه ولا ضده ولا ايه بالظبط
بس انا حسة ان كلامه مش مريح برضوا
بيتهيألي يعني ابتسمت لانك طلعت بتمزح وانك اكيد مش موافقة لو اللي انا فهمته صح
الحمد لله يبقى انا في السليم دلوقتي :D
Post a Comment