هذه تدوينة موجزة تصف لحظة واحدة :)
وبطلتها مريم، وهي ممثلة صغيرة بالفطرة، وهي في الصف الثاني الابتدائي، هذا ما يقوله كتابها المدرسي على الأقل!، اضطرت جارتها إلى أن تتركها لجزء من اليوم بعد عودتها من المدرسة لبعض مشاغلها، ولم تنس عند رؤيتي أن تطلب مني أن أساعد مريم في حل الواجب، فدهشت لحظة كانت كفيلة بجعلها تضحك وهي تناولني كراسة صفراء وكراسة خضراء وكتاب مدرسي، ورحلت وتركتني مع مريم التي كانت في تلك اللحظة تقطع المكان كله جريًا، وتركض للذهاب إلى الشرفة وهي تكاد تتنطط من أجل الفرجة على الشارع.
نظرت للكراسة الصفراء المكتوب عليها اسم بطلة سباق الجري والقفز بالطبع، وجملة (واجب الحساب)، وابتسمت عندما تذكرت أننا دائمًا كنا نربط اللون الأصفر بالحساب، وغالبا ما يختاره المدرس، وفي إحدى السنوات الدراسية دخل الأستاذ في أول يوم وخيّر الفصل في لون يختاره لتجليد كراسة الحساب، ليجيب الفصل جميعا: أصفر يا أستاذ!
يبقى تساؤل: هل هناك علاقة (طردية) بين شحوب اللون الأصفر وبين شحوب وجوهنا عند مواجهة امتحان الحساب؟؟
وتساؤل آخر: لماذا عندما دخلت المرحلة الإعدادية ظل أصدقائي يضحكون عندما أذكر كلمة (الحساب)، ويقولون تقصد رياضة أو math??
تنططت مريم أمامي مرة أخرى، بشعرها الأشقر الذي أراه أقرب شيء للون البرتقالي الزاهي، فتابعتها بعيني وأنا أنظر للكراسة الخضراء وأقرأ المكتوب عليها (واجب عربي)، هذا جميل!، لكن شعور السعادة تبدد عندما فتحت الكراستين، كان الكلام منمق بخطها الصغير بلا أي عيوب أو شخبطة، وإشارات التصحيح بالقلم الأحمر على الصفحات السابقة، إذن ما السبب في شعوري هذا؟
السبب كان نظام التعليم في مدرستها!، كان الأمر يعتمد على طريقة مريحة للغاية لكل من التلميذ والمدرس، فعلى صفحات كراسة الحساب كان الواجب في اليوم الأول الذي تم إنجازه هو كتابة الأرقام 1 2 3 إلى رقم 100، وفي اليوم الثاني من 101 إلى 200، وهكذا!!، وكان الواجب اليوم هو كتابة الأرقام من 401 إلى 500 !!، أين التعليم!، فالأرقام تتكرر ويكفي التلميذ تعلم من واحد إلى عشرة ومفهوم العشرات والمئات بدلا من كتابة أرقام بشكل روتيني جدا!
وفي كراسة العربي كان الحال أسعد قليلا، فالمطلوب كان كتابة الفقرة التي أخذته النهاردة أربع مرات،مع بعض التمارين البسيطة على اللام الشمسية والقمرية وأدوات الإشارة، فجلست بجانبها انطق الكلمات وهي تكتب، وهي تصرّ أن المدرسة طلبت من الفصل كتابة الفقرة ثلاث مرات فقط (واللي هيعمل أكتر من تلاتة مش هتصححلوا!)، ولكن أقنعتها بعد شد وجذب وهرب أن تكتب فقرة رابعة أيضًا، وكانت حجتي في كدة أن الدرس السابق كان المطلوب كتابة الفقرة أربع مرات مش تلاتة ^_^
--
سؤال الواجب:
س: ليه مريم ممثلة صغيرة بالفطرة؟
ج: عشان طوال جلوسنا لكتابة الواجب كانت تتقمص دور مدرستها، وهي تقول بلهجة آمرة اللي معملش الواجب هيقف هناك وهكتب اسمه!، وبعدين تقول وهي تشير إلى كتابها: حطوا الكراسات قدامكم وأنا هعدي عليكم بالدفتر دلوقتي!، كل ذلك كانت تقوله وهي تنظر إلى اللاشيء أمامها كأنها تخاطب الفصل، أو أحيانًا تخاطبني أنا وتقول وهي تضع أصبعها على فمها: هش! مش عاوزة أسمع صوت منكم!
No comments:
Post a Comment