Showing posts with label أحلام. Show all posts
Showing posts with label أحلام. Show all posts

Friday, January 9, 2009

خطوات ضبابية 5

عتبات الضباب


                                            (5)

رأيتُ نفسي جالسا في الصفوف الأولى داخل قاعة مسرح، وبدأت القاعة تمتلئ رويدا رويدا، وابتدأ العرض، وكنت مدركًا لواقع أنني مؤلف هذه المسرحية التي أشاهد أحداثها.

واستمر المشهد الأول في أحداثه، وكان بطيئًا في الإيقاع والحركة، وكنت جالسًا أتابعه مرّتين، مرة أمامي أراقب أداء الممثلين، ومرة والنصّ المطبوع للمسرحية يجري في ذهني متزامنًا مع الأداء التمثيلي.

وشعرت بأن العرض لم يعجب جمهور المسرح، ولكني لم أجسر على الالتفات للخلف لرؤيتهم، وسمعت من بجانبي يتذمر إثر كل عبارة ينطق بها الممثلون، ويقول هذه من «...» ويذكر أسماء أجنبية لرجال لا أعرفهم، ثم ينتظر بضع عبارات أخرى من المسرحية ويصيح باسم أجنبي آخر لسيدة لا أعرفها، وبدا واضحًا لي أن تلك الأسماء هي أسماء لكتّاب معروفين في هذا المجال وأنني أنقل منهم!، وكنت أرى تعليقات هذا الرجل تظهر عند قوله لها مكتوبةً في هوامش النصّ المسرحي!

وبدأ المتفرجون في الخروج ببطء وبقى بعضهم، وشاهدت شخص مقرب لي يستعد للخروج هو أيضًا، وكان خروجه مفاجئًا لي، فأنني لا أعرف أحدًا من الجمهور الغاضب، ولكني أعرفه هو، وحدثت نفسي بأنه كان يجدر به الجلوس حتى النهاية.

ثم واصل النصّ المكتوب تقدمه في ذهني، حتى رأيت عنوان المشهد الثاني، وأخذ الحوار في التسارع في شدة، ورفعت عيني للممثلين، فرأيت شخصية لم تظهر في المشهد السابق، وأخذت تتحرك في أنحاء المسرح وفقا للتمثيل، ثم بدأت في الإنشاد، وكان صوتها واضحًا وقويًا، وأخذت بعض الأكف تمتد من ورائي وتعبر لي عن استحسانها لما يجري الآن وبأن هذه الممثلة رفعت من قدر المسرحية، فوافقتهم وأخذت في مراقبتها أكثر دون أن ألتفت لهم، وامتدت يد أخرى من ورائي فأجبت: نعم غنائها جميل! 



Thursday, November 20, 2008

خطوات ضبابية 3 - 4

 



 


(3)


رأيتُ نفسي كأنني استيقظت من النوم في غرفتي، وكان النور مطفئًا والباب مفتوحًا، فنهضت وخرجت إلى غرفة المعيشة فلم أجد أحدا، فتوجهت نحو غرفة النوم الأخرى فوجدت بابها مغلقًا، ففتحته ورأيت داخل الغرفة عدد من أقاربي الرجال ملتفين في وجوم حول السرير، وكان على السرير ميت مسجى، عيناه مغمضتان والوجه مشدودًا وعليه بريق لامع، وخَطَرَ لي في هذه اللحظة أنني أعرف هذا الميت جيدًا، فهذا جثمان شاعر النيل حافظ إبراهيم!!، لا شك في ذلك .. تلك ملامحه وهذا شاربه الصغير الدقيق!، ثم رفعت نظري من على الجثمان لأرى كل عيون أقاربي مثبتة نحوي، وكأنهم كانوا لا يرغبون في أن أرى هذا المشهد، واستمرت نظراتهم إلىّ مما اضطرني إلى أن أغلق الباب مرة أخرى.


 


(4)


رأيتُ نفسي كأنني أسير في إحدى شوارع المدينة الواسعة، وكان برفقتي رجل عملاق لا أعرفه يفوقني طولا كثيرًا، ولكن كان من الغريب أنني لم أشعر بفارق الطول الرهيب بيننا، فأنني لم أكن أواجه صعوبة في الحديث معه ونحن نقطع شوارع المدينة معا، وكان الوقت صباحا والسماء صافية، ثم فجأة شعر الرجل العملاق بألم شديد وسقط على الأرض بجانبي، وأحسست عندها لأول مرة أنني قزمًا للغاية بجانب جسمه الممدد على الطريق، فتسلقت فوق صدره وضربت قلبه بكلتا يديّ عدة مرات في جزع، قبل أن يستفيق قليلا ويفتح عينيه في بطء، ثم تحامل لكي يقف وهو ينظر لي نظرة امتنان!


 


 


---


لمعرفة معنى هذه السلسلة راجع هذه التدوينة

Wednesday, October 22, 2008

خطوات ضبابية 2

 



 


(2)


 


رأيت نفسي داخل فصل مدرسي، وكنت جالسًا بمقدمة الفصل وبجانبي طالبان لا أعرفهما، وانتبهت للأستاذ الذي أصبح أمامي وهو ينتظر مني إجابة سؤاله الذي طرحه، فتحركت شفتاي بالإجابة التي لم أفهمها ولم أسمع نفسي أقولها!، فذهب وسأل أسئلة مختلفة لعدد من الطلاب، ثم عاد لمقدمة الفصل، وتحرك نحو حائط لم انتبه له من قبل، وكانت عليه مجموعة من الكتب المختلفة، فأخذ بعضًا من الكتب، وأعطاني أحدهم وكان مجلدا كبيرا، وكذلك فعل ذات الأمر لعدد متفرق من الطلاب، فنظرت إلى غلاف كتابي الكبير، فوجدته يتحدث عن فنون الموسيقى عبر العالم، فرفعت رأسي كي أنادي الأستاذ لأخبره بأنني أريد كتابًا غيره!، وقبل أن تتحرك شفتاي بذلك، تكلم الطالب الذي بجانبي، وأخبرني أن هذا الكتاب ليس عن الموسيقى وإنما هو جزء من موسوعة عامة، فنظرت مرة أخرى للغلاف، فكان على حق، فإذا هو جزء من موسوعة!، ورأيت غيري يحمل الأجزاء الأخرى من تلك الموسوعة التي لم أتبين أسمها، ولكن عندما جاء الأستاذ إلى مقدمة الفصل بعد أن تخلص من حمل مجموعة الكتب التي كان يحملها، قلت له برغبتي في الحصول على كتاب غيره لأنني لا أحب الكتب الناقصة!، فسألني عما أريده وهو يتجه إلى حائط الكتب الذي أصبح فجأة قريبًا مني على غير العادة، فنظرت إلى الكتب ولم أهتدِ، وخَطَرَ في بالي أن أطلب منه ديوان شاعر فرنسي شهير، ولكني لم أجرأ على الكلام، فتقدم الأستاذ وأخذ بيدي، وطلب مني أن أساعده في حمل كتاب، وأشار للأعلى، فنظرت فرأيت كتاب ضخم للغاية تبدو عليه آثار السنين الطويلة، ويقبع وحيدًا في ركن آخر من الحائط، فساعدته في حمله، وأنزلناه إلى الأرض، ولمحت عنوان الكتاب الذي كُتب بحروف ذهبية التهمها الزمن فلم يتبق منها غير بعض البقع الصفراء الشاحبة هنا وهناك، وكان عنوان الكتاب هو «مطالعات الجاحظ»، وانتبهت إلى أننا عندما أنزلناه، وجدنا أن الكتاب كان يخفى وراءه نافذة مفتوحة تسلل منها ضوء الصباح من خلف أسلاك النافذة، وساعدني الأستاذ في فتح هذا المجلد الضخم، فرأيت على أغلب صفحاته خطوط سوداء غير مفهومة، وبعض الكلام غير المرتبط، وعلى صفحات أخرى وجدت صفحات كاملة من معادلات رياضية لم أفهمها، فاعتذرت عن عدم قبول الكتاب، وساعدته مرة أخرى لوضع الكتاب في موقعه السابق، وبعد ذلك خرج الأستاذ من الفصل المدرسي، فألتفت لي بعض الطلاب وعاتبوني لأنني لم أقبل بالكتاب حيث كان سيتيح هذا لهم أن يروا ما وراء تلك النافذة الجديدة التي أخفاها الكتاب مرة أخرى، فأجبتهم بأنني إذا فعلت ذلك، فكيف لي أن أتخلص من هذا الكتاب الثقيل!!


 

Sunday, October 19, 2008

خطوات ضبابية



(1)


رأيت نفسي على شاطئ البحر واقفًا على حبات الرمال الصفراء أنظر إلى صفحة الماء الأزرق التي تملأ الأفق أمامي، كان الوقت صباحا والسماء صافية، وكان بجواري مركب خشبي صغير بمجدافين، ونزلت إلى الماء وركبته وتحرك بي المركب إلى عرض البحر إلى أن توقف، فنزلت منه وحولي الماء في كل مكان، ووجدت نفسي على درجات سلم منحدر يؤدي لكهف أسفل الماء، تابعت خطواتي إلى أن رأيت قاعة متوسطة الحجم، في أحد أركانها حوض زجاجي ضخم أخفى الجدار بأكمله، وبداخل الحوض أسماك أخرى وفقاقيع تتحرك في حركة ناعمة، وكان هناك رجل وامرأة يجلسان بجانب هذا الجدار وعيونهما ملتصقة بذلك الحوض وحركة الفقاقيع والأسماك التي بداخله، تابعت خطواتي للداخل، موليا ظهري للحوض الزجاجي، ثم توقفت واستدرت مواجها له قبل أن أصل للجدار المقابل له بخطوات قليلة، وشعرت بحركة من خلفي فالتفت، فإذا بثلاث شبان أعمارهم متفاوتة وأعرفهم في الحقيقة، يتوجهون نحوي ويجذبوني برفق خطوة للوراء لكي أشكل معهم صفًا، ثم نظرت أمامي فإذا برجل يظهر من العدم، لم أرَ دخوله للكهف، ولم أرَ إلا ظهره وجلبابه الذي يرتديه، وتقدمنا بخطوات يسيرة، ثم كبّر فصلى بنا، فصليت معهم إلى أن أتممنا ركعتين خفيفتين، ومع بدء التفاتة السلام من الصلاة الأولى .. تبدد الحلم، واستيقظت!

Sunday, October 12, 2008

خطوات ضبابية




أقصد بتلك الخطوات الضبابية .. عالم الأحلام .. وهو عالم واسع لا نعرف عنه الكثير، وهو عالم رحيب مثير بشكل غامض، وفي التاريخ الإسلامي نقرأ أن طفلا صغيرا استثاره جلوس النبي عليه السلام في المسجد وهو يسأل الصحابة بشكل يومي تقريبا عن أحلامهم ومن حلم منهم الليلة الماضية ليفسر له الحلم، فتمنى هذا الصبي أن يقول «أنا!» عندما يسأل النبي أصحابه المرة القادمة عمّن رأى منهم حلما ليلة أمس!، وقد تحقق هذا وحلم هذا الصبي ذات يوم حلما مخيفا رأى فيه كأنه يذهب إلى النار وهو يتعوذ منها!، واستيقظ الصبي بعد أن تحطمت أمنيته في أن يقول للنبي عليه السلام هذا الحلم!، فأيّ بشرى قد يقولها له والحلم مخيف كما يرى، ولكنه أخبر أخته التي قامت لتخبر هذا الحلم للنبي عليه السلام الذي ابتسم ثم قال «نِعْمَ الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل فيكثر »، وروى التاريخ أنه كان بعد هذا لا يترك قيام الليل أبدًا في السفر والبيات إلى أن مات، وهذا الرجل هو .. عبد الله بن عمر بن الخطاب .. رضيَ الله عنهما

وأنا أرى أنه من سحر وإثارة سورة يوسف عليه السلام في القرآن أنها بدأت أحداثها بحلم رآه يوسف فقصّه على أبيه يعقوب، ثم استمرت الأحداث والشخصيات من لعب يوسف مع إخوته ومشهد البئر والقافلة وملك مصر وامرأته «زليخا» والصديقات والسكاكين والسجن والسجّان وصاحبي يوسف في السجن والنبيذ والطير الذي تأكل من رأس المصلوب، وإحساس الأب بعودة ابنه مع تكذيب الجميع ذلك والبشارة والفرح وعودة البصر وطلب الإخوة المغفرة والصفح، وكل تلك الأحداث التي تمرّ بنا في عالم لا مثيل له، لتنتهي قصة سيدنا يوسف كما بدأت، بتذكر الحلم بعد أن تحقق، فيقول يوسف لأبيه عليهما السلام في ختام السورة «يا أبت هذا تأويل رؤياي!».

وكثير من الروائيين وكتّاب المسرح فتنهم هذا الأسلوب البديع أي أن تكون البداية حلم أو نبوءة يتم ذكرها في النهاية بعد أن تتحقق، فشكسبير في مسرحيته «ماكبث»  وضع أساس مسرحيته على تنبوءات وأحلام عجيبة تحققت جميعها بشكل مدهش على مدار المسرحية إلى أن  انتهت وغادرت عقول جميع المشاهدين المسرح وهي تفكر في أحلام وتنبوءات البداية، ومسرحية «شجرة الدر» لعزيز أباظة بدأت بمشهد بديع وساحر لنبؤة من عرّاف عجوز أعمى تنبأ بأن جميع من في الخيمة سيصبحون ملوكًا بمن فيهم شجرة الدر!، ليضحك الجميع من نبوءته السخيفة ليتذكرونها في آخر فصول المسرحية وهم يرونها تتحقق بشكل عجيب فيهم جميعًا.

             

ما فائدة هذا الموضوع؟، لا شيء وإنما هي فاتحة إن شاء الله لتسجيل ما يثيرني من أحلامي، حتى لا أفقد آثار رحلتي في ذلك العالم الضبابي، انتظروها قريبًا إن شاء الله تحت عنوان دائم هو( خطوات ضبابية)