Friday, January 9, 2009
خطوات ضبابية 5
Thursday, November 20, 2008
خطوات ضبابية 3 - 4
(3)
رأيتُ نفسي كأنني استيقظت من النوم في غرفتي، وكان النور مطفئًا والباب مفتوحًا، فنهضت وخرجت إلى غرفة المعيشة فلم أجد أحدا، فتوجهت نحو غرفة النوم الأخرى فوجدت بابها مغلقًا، ففتحته ورأيت داخل الغرفة عدد من أقاربي الرجال ملتفين في وجوم حول السرير، وكان على السرير ميت مسجى، عيناه مغمضتان والوجه مشدودًا وعليه بريق لامع، وخَطَرَ لي في هذه اللحظة أنني أعرف هذا الميت جيدًا، فهذا جثمان شاعر النيل حافظ إبراهيم!!، لا شك في ذلك .. تلك ملامحه وهذا شاربه الصغير الدقيق!، ثم رفعت نظري من على الجثمان لأرى كل عيون أقاربي مثبتة نحوي، وكأنهم كانوا لا يرغبون في أن أرى هذا المشهد، واستمرت نظراتهم إلىّ مما اضطرني إلى أن أغلق الباب مرة أخرى.
(4)
رأيتُ نفسي كأنني أسير في إحدى شوارع المدينة الواسعة، وكان برفقتي رجل عملاق لا أعرفه يفوقني طولا كثيرًا، ولكن كان من الغريب أنني لم أشعر بفارق الطول الرهيب بيننا، فأنني لم أكن أواجه صعوبة في الحديث معه ونحن نقطع شوارع المدينة معا، وكان الوقت صباحا والسماء صافية، ثم فجأة شعر الرجل العملاق بألم شديد وسقط على الأرض بجانبي، وأحسست عندها لأول مرة أنني قزمًا للغاية بجانب جسمه الممدد على الطريق، فتسلقت فوق صدره وضربت قلبه بكلتا يديّ عدة مرات في جزع، قبل أن يستفيق قليلا ويفتح عينيه في بطء، ثم تحامل لكي يقف وهو ينظر لي نظرة امتنان!
---
لمعرفة معنى هذه السلسلة راجع هذه التدوينة
Wednesday, October 22, 2008
خطوات ضبابية 2
(2)
رأيت نفسي داخل فصل مدرسي، وكنت جالسًا بمقدمة الفصل وبجانبي طالبان لا أعرفهما، وانتبهت للأستاذ الذي أصبح أمامي وهو ينتظر مني إجابة سؤاله الذي طرحه، فتحركت شفتاي بالإجابة التي لم أفهمها ولم أسمع نفسي أقولها!، فذهب وسأل أسئلة مختلفة لعدد من الطلاب، ثم عاد لمقدمة الفصل، وتحرك نحو حائط لم انتبه له من قبل، وكانت عليه مجموعة من الكتب المختلفة، فأخذ بعضًا من الكتب، وأعطاني أحدهم وكان مجلدا كبيرا، وكذلك فعل ذات الأمر لعدد متفرق من الطلاب، فنظرت إلى غلاف كتابي الكبير، فوجدته يتحدث عن فنون الموسيقى عبر العالم، فرفعت رأسي كي أنادي الأستاذ لأخبره بأنني أريد كتابًا غيره!، وقبل أن تتحرك شفتاي بذلك، تكلم الطالب الذي بجانبي، وأخبرني أن هذا الكتاب ليس عن الموسيقى وإنما هو جزء من موسوعة عامة، فنظرت مرة أخرى للغلاف، فكان على حق، فإذا هو جزء من موسوعة!، ورأيت غيري يحمل الأجزاء الأخرى من تلك الموسوعة التي لم أتبين أسمها، ولكن عندما جاء الأستاذ إلى مقدمة الفصل بعد أن تخلص من حمل مجموعة الكتب التي كان يحملها، قلت له برغبتي في الحصول على كتاب غيره لأنني لا أحب الكتب الناقصة!، فسألني عما أريده وهو يتجه إلى حائط الكتب الذي أصبح فجأة قريبًا مني على غير العادة، فنظرت إلى الكتب ولم أهتدِ، وخَطَرَ في بالي أن أطلب منه ديوان شاعر فرنسي شهير، ولكني لم أجرأ على الكلام، فتقدم الأستاذ وأخذ بيدي، وطلب مني أن أساعده في حمل كتاب، وأشار للأعلى، فنظرت فرأيت كتاب ضخم للغاية تبدو عليه آثار السنين الطويلة، ويقبع وحيدًا في ركن آخر من الحائط، فساعدته في حمله، وأنزلناه إلى الأرض، ولمحت عنوان الكتاب الذي كُتب بحروف ذهبية التهمها الزمن فلم يتبق منها غير بعض البقع الصفراء الشاحبة هنا وهناك، وكان عنوان الكتاب هو «مطالعات الجاحظ»، وانتبهت إلى أننا عندما أنزلناه، وجدنا أن الكتاب كان يخفى وراءه نافذة مفتوحة تسلل منها ضوء الصباح من خلف أسلاك النافذة، وساعدني الأستاذ في فتح هذا المجلد الضخم، فرأيت على أغلب صفحاته خطوط سوداء غير مفهومة، وبعض الكلام غير المرتبط، وعلى صفحات أخرى وجدت صفحات كاملة من معادلات رياضية لم أفهمها، فاعتذرت عن عدم قبول الكتاب، وساعدته مرة أخرى لوضع الكتاب في موقعه السابق، وبعد ذلك خرج الأستاذ من الفصل المدرسي، فألتفت لي بعض الطلاب وعاتبوني لأنني لم أقبل بالكتاب حيث كان سيتيح هذا لهم أن يروا ما وراء تلك النافذة الجديدة التي أخفاها الكتاب مرة أخرى، فأجبتهم بأنني إذا فعلت ذلك، فكيف لي أن أتخلص من هذا الكتاب الثقيل!!