Saturday, October 17, 2009

مع عمرو في باريس!










هناك من يسافرون مكانيًا، بمعنى أن تذكرة السفر فقط هي دليلهم الوحيد على أنهم خرجوا من حيز هذا البلد إلى آخر ، وذلك بدون زحزحة واضحة في الآراء والمعتقدات، فهل وافق ما رأيته من باريس عبر السينما والإنترنت ما رأيته في بعدما لمست قدماك الأراضي  الفرنسية .. ما الفرق الذي تكّون لديك بين ما رأيته من خلال عيون الآخرين وبين ما رأيته بعينيك؟

عمرو:


نعم ، هذا صحيح ، ولن أتحلى بشجاعة منقطعة النظير وأصرخ فيك زاعقاً بكل العبارات التي تنفي عني الصفة الأولى ( السفر المكاني ) وكذلك لن أستطيع أن انكر تأثري وملاحظتي واختلاف نظرتي حين وطأت أقدامي الاراضي الفرنسية.



في البدء دعنا نقول أن أول ما يمكنك ملاحظته ، هو ان الشعب الفرنسي يكره الإنجليزية، ولا يحب التكلم بها ، ويتمتع بقدر كبير بالفخر بلغته الفرنسية ، ويبذل جهداَ واضحاً عند التحدث بها ، والمطاعم مليئة دائماً، والناس على المقاهي في كل مكان ..ولذلك باريس مدينة حية جداً ، كما يقولون المدينة التي لا تنام ! على عكس لاهاي التي أتواجد بها حالياً فهي مدينة الهدوء والسلام :)

وحينما سمعت كلمة La Nuit Blanch  - والتي اذا ترجمتها ترجمةً حرفية ستعني الليلة البيضاء ! ولكن ذلك لا معنى له ولكن بالعودة للفرنسية فحين يقول أحدهم :
J'ai passé une nuit blanche


فيعني ذلك أنه قضى ليلة لا نوم فيها - لم أكن أتصور أبداً أن المدينة تكون على هذا الحال، الناس في هذه الليلة وهي ليلة الأحد ، ينزلون الى الشوارع ، ويتعاطون الخمور ، وقد تجد مجموعة من الشباب في سيارة ليموزين نيويوركية الصنع يخرجون رؤسهم ويصرخون ويطيحون بزجاجات الخمر على الطريقة الأمريكية ، وتجد تخفيضات في المطاعم والبارات وربما عروض مجانية ..

قد تجد وأن تمشي في الشوارع ليلاً بعض السود يضايقونك ، ربما لأنك غريباً عن البلدة ، قد تجد الكثير من الباعة المتجولين عند برج إيفل والمسلمين غالباً ، ويستحلفونك أن تشتري منهم شيئاً باسم الإسلام والأخوة ..





أيضاً في فرنسا ، للسوق طعمٌ آخر ، في صباح الأحد تجد كل المحلات مقفلة ، وليس أمامك إلا السوق ، والسوق كما رأيته يبدأ في الصباح الباكر جداً ، وتجد الجميع يتزاحم في هذا السوق ، وينتهي في الساعة الثالثة تقريباً ، الطريف أنه إذا أتيت مثلاً في الساعة الخامسة، لن تعرف أصلاً بوجود السوق لأنه لا دليل على وجوده ، فلا مخلفات أو بقايا ، أو خلافه ..

أيضاً من الأشياء الجميلة ، عازفين الموسيقى في كل مكان ، في المترو تجد أحدهم يمسك بالجيتار ويعزف بعض الأغاني ثم يمر في هدوء لتعطيه ما تريد بدون "رزالة " أو "تناحة " أو خلافه ، أو تجد بجوار متحف اللوفر ، عازفي الفلوت فقط يضع حقيبته على الأرض ولا يسأل أحداً شيئاً  ..

أم عن الشحاتة الصافية ، فهم على نوعين ، فالنوع الأول وهو المعروف لدينا يدخل في المترو ويتكلم قليلاً ، ولكن الجدير بالذكر أنه لا تبدو عليه ملامح الفقر أو غيره .. أو ربما تجده في السوق يقبع جالساً ، ويرفع لافتة لا أكثر ..

المسلمون في فرنسا ، شئٌ لم أتوقعه ، فالحجاب منتشر بشكل موسع (وهنا أيضاً في هولندا)، وليس مقتصراً على المهاجرين أو ذوي الأصول العربية والإسلامية ..

الفرنسيات جميلات بشكل منقطع النظير ، ويتمتعن بابتسامة ساحرة هادئة ، وكما يقال باريس مدينة العاشقين بحق ، فمشهد القبلات الساخنة أو الأحضان الدافئة تراه كل يوم في كل مكان، في الشارع ، في الحدائق وحتى في المترو وفي كل مكان!


 أوروبا بشكل عام وباريس بشكل خاص تتمتع بأسعار غالية للغاية ، فباريس خصيصاً تعد من أغلى مدن العالم في مستوى المعيشة والاستهلاك ، كنت أقضي ليلة في فندق نجمة واحدة Une etoile هناك ب53 يورو في الليلة ، أي مايعادل إيجار شقة صغيرة أو متوسطة في مصر لمدة شهر!




On ne peut jamais se perdre dans Paris

Amr sobhy





لن تشعر بالتيه أبداً في باريس طالما معك خريطة المترو التي تجدها في كل مكان ، ففي باريس 12 خط مترو ، غير القطارات RER الداخلية ، فهي تتمتع بشبكة مواصلات قوية جداً ، لم أر مثلها في حياتي ! فلكي تذهب إلى أي مكان عليك فقط معرفة اقرب محطة مترو إليه ، والنظر الى الخريطة والتوجه اليه بكل سهولة من الجدير بالذكر أن القاهرة التي تبلغ مساحتها مرتين ونصف ضعف مساحة باريس .. بها خطان للمترو فقط ، وبصدد إنشاء الثالث .


لم أجلس في باريس بشكل كافي لأستطيع ملاحظة الكثير فقد كان معظم الوقت في العمل في اليونسكو، والأخر في محاولة الوصول للفندق




°°




إذن أنت أسعد حظًا من توفيق الحكيم الذي سافر إلى باريس ليحصّل العلم والشهادة الجامعية، ليعود بذكريات وافرة وحقيبتين مملوءتين بالكتب الفرنسية وحلم لم يتحقق في حصوله على درجة جامعية من هناك!، والآن كأنك قد تحدثت بما يمكن بتسميته بقوس واسع من عادات الشعوب، فذكرت عادات الأوربيين والأمريكيين والسود والمسلمين.. مختلف الثقافات في زجاجة معتقة باريسية الصنع تستوعب المزيد في استمرارية مدهشة، كصياغة أخرى لما قاله أدونيس: أنك إذا جردت باريس من الأجانب فلن يبقى بها شيء، فلنتحدث إذن عن المواطن الفرنسي البحت .. مَن هو؟



عمرو:


لن أملك المعرفة الكافية للإجابة على هذا السؤال لأن معظم الوقت كما ذكرت ، كان يمر باليونسكو حيث تجد ممثلين لكل دول العالم ، واحتكاكي بالمواطن الفرنسي البحت لم يكن كبيراً ولكن دعنا نفكر ..

1)  يتحدث بالفرنسية!

فكنت أعتقد أن باريس مكان جيد لبدء ممارسة اللغة الفرنسية ، ولكن توقفت عن هذه الفكرة تماماً بعض وقت قصير ، لأني كنت أستطيع صياغة الجمل بشكل سليم ، وتكوين السؤال بل وطرح السؤال بلكنة جيدة ، ولكن المشكلة ، في أنه إذا سألت فرنسياً بالفرنسية ، سيجيبك بالفرنسية ! وفرنسيته تختلف كثيراً عما تعلمت أنت في الكتب وغيره ، ولذلك فضلت الإنجليزية كوسيلة للتواصل دائماً هناك باستثناء مكتفياً فقط بترديد بعض الكلمات الإفتتاحية لجذب الإنتباه excusez-moi! وParlez-vous angalis ?


2)  لا يألوا جهداً لمساعدتك ، إذا كان يتحدث الإنجليزية .

فكثيراً ماكنا نتيه في محطات المترو ( الشاسعة الحجم ) بحثاً عن الطريق الصحيح ، فكانوا يقدمون مايستطيعون من العون وإذا لم يعرف الطريق سيقول لك بكل بساطة Je ne sais pas و"مش هيفتيلك على أساس انه من البلد"!

أول أيامي في باريس كنت في حيرة من أمري في كيفية الوصول للفندق ، سألت أحد المارة وكانت فتاة في مقتبل العمر ، لم تكتف بشرح الطريق لي، ولكن رافقتني حتى رأيته .
وأثناء مغادرتي لباريس ، كنت أحمل معي حقائباً أكثر من متعلقات الملوك المصريين التي يضعونها بجوارهم لتساعدهم على الحياة في الجانب الآخر ، وكسرت حقيبتي الكبرى .. وكان البعض يقدم لي المساعدة في حملها دون أن أطلب حتى .


3) القبلات في كل مكان!

بغض النظر عن القبلات الساخنة ومشتقاتها في كل أنحاء باريس و اذا كانت هذه أول مرة في باريس - هذا الكلام سيلاقي هوىً كبيراً في نفوس المصريين :D - ، فلا تتفاجأ أبداً إذا قدمت لك إحداهن التحية عن طريق تقبيلك ، وذلك بدون أي معرفة سابقة أو نية سيئة ، ولكن -كما رأيت أكثر من مرة - تلك هي الطريقة العادية للتعبير عن الترحيب .


4) لا يأكل في البيت

هذا استنتاج شخصي مني ، أن معظم الوجبات التي يتناولها الفرنسيون تكون في المطاعم ، أحد المصريين الذين قابلتهم هناك ذكر أن هذا هو ربما سبب جمال الفرنسيات المنقطع النظير أنهم لا يقضوا يومهم في معانقة رائحة البصل والتوابل ، ولا يتفنن في ربط رؤسهن كما نرى في مصر، ولذلك تجد الفرنسية لا تهتم بالطبيخ ، ويتسنى لها وقت أكبر للاهتمام بزوجها وبأطفالها وأخيراً بنفسها !

دعنا نقول أن هذه أشياء سطحية جداً ، ولكن هي محاولة للإجابة عن سؤالك ، وأعتبر نفسي كأني لم أقعد في باريس قط، وأتمنى أزورها مجددا لإعادة اكتشاف ما لم اكتشفه!














Sunday, October 11, 2009

رسائل متبادلة - (2)

الرسائل عددها محدود للغاية وليس لها ترتيب زمني حقيقي، وكل الظن أن السبب هو وضع الخصوصية، خاصة أن أدب الرسائل غير شائع في العالم العربي، وهاهما رسالتان من «عفاف» إلى «ثروت»





من لوزان ..


.. وصلتني رسالتك الآن، وقد فرحت بها كالأطفال .. فلم أكن أعلم أنك مازلت تحمل لي كل هذا الود وكل هذه المشاعر، ولعل هذه المشاعر الحلوة .. هي .. هي .. التي تساعدنا على تحمل تبعات الحياة، وفي نظري أن أجمل شيء في الوجود هو أن يحس المرء أن لقلبه .. قلبًا يخفق له .. وأن لروحه روحا تتلهف عليه .. وإلا .. فلا كانت الحياة .. ولا كانت الأيام




سعدت جدًا بأخبار العمل الجديد مع «الهوني» .. ولا يسعني أن أدعو أن يوفقك الله في كل ما تسعى إليه مادمت تصون ودِّي وترعى غيبتي: كيف حال الأطفال؟؟ والمدرسة .. وأرجو ألا تتأخر عن ميعاد الملحق ..
بقى لي ساعة ماشية أبحث لنجيب محفوظ على مربى للسكر، لأن في «لوزان» لا يوجد إلا أجزخانة واحدة وقد وجدتها!!، ولقيت له رز ومكرونة لمرضى السكر فاشتريت له كميات قليلة، ولكن إذ كان حيستعملهم ومش حايخاف منهم أجيب له كمان ..


وحشتني والبعد خلاني أنسى كل أخطائك، ولم أعد أراك إلا لطيفا ورفيقا حانيا، أرجو أن تبطل كل أدوية السكر الجديدة، وهذا رأي الدكتور «ماك»، وقد أصرّ على ذلك في كشفه على بابا.


أقبلك .. وأرجو أن تكتب لي باستمرار .. وحتى وإن لم تشعر بالرغبة في ذلك .. أقبل الأطفال وأقبلك


                عفاف



°°   
   




من لوزان ..


ما أسعدني بتلك الجنة التي أملكها في أعماق قلبك .. فهناك كهفي .. وحياتي .. وأمني ومفزعي .. كيف لا أتيه .. ولا يستبد بي الغرور .. وأنا أشعر بثبات الأرض تحت قدميّ .. وأشعر بحبك لي يساندني .. ويملأ الدنيا من حولي .. ولكن كل ما أرجوه من الله .. ألا يبقيني لحظة واحدة .. إذا فقدت مكاني .. في أعماق أعماق نفسك ..


لم استطع طوال حياتي أن أعاملك كزوجة .. بل كنت دائمًا أحاول أن أظل كما كنت، وكما سأظل حبيبة .. وكنت أتمنى ذلك .. ولكن يبدو أنه من الصعب عليك أن تلبي لي هذه الرغبة، لأنك تعلم جيدا أننا زوجان منذ أكثر من خمسة عشر عامًا ..


وصلني رسالتك أمس .. وفرحت بكل حرف فيها .. فقد كنت أخشى أن تكتب لي كما يكتب كل زوج في ظرف كهذا .. وقد ازداد في قلبي الحنين وتمنيت أن أراك، وأن أسمع منك ما لا تقوله إلا لي .. وأن أقلو لك .. ما لا أقوله إلا لك ..


وإن أجمل ما في حياتي هو أن أحبك .. وأن أحس بحبك لي .. هذا هو أجمل ما في حياتي .. بل هو كل حياتي ..

عفاف

 

Saturday, October 10, 2009

رسائل متبادلة - (1)

من «ثروت» إلى «عفاف»







من القاهرة ..                                
تعودت كلما نويت أن أكتب شيئًا، أن أفكر قليلا قبل أن أكتب .. وبالأمس نويت في نفسي أن أكتب إليكِ، وفكرت فيما سأقوله لك، وأنا بحسبي أنا أعرف أنني سأكتب إليكِ ثم لا أفكر!


لقد تجاوز حبنا من عمر الزمن الثلاثين عامًا، والعجيب أنه مازال كما عرفته منذ وَقْدَته الأولى، وكأنه حب الأمس القريب الذي يذكيه الغرام ويشعله الوله، ويزيد الشوق من وقدته وجبروته .. كأننا حبيبان مقدمان على الزواج، وكأن «أمينة» و«دسوقي» أمنيتان لنا ما زالا في علم الغيب المحجّب من الزمن القادم، وكأنما ما جاوزا العشرين وقارباها.


وكأنني ما شاب شعري وتثاقلت خطاي .. وكأنني ما أصبحت هذا المقدم على سنيّ الكهولة المتأخرة، فحبك هو الشباب الوحيد الذي مازلت أحس به قويًا في قلبي وكيانًا متدافعًا هدارًا، أحس به الحياة أجمل ما تكون الحياة، وكأنما أرسله الله لي لتعتذر به السنوات عما تصنعه السنوات.


وصل إليَّ منكِ خطابان وقد سررت بهما جدًا لأنني شعرت حقا أنك مسرورة فأنا أستطيع أن أعرف من جري قلمك على الورقة ما تخفين .. نحن ثلاثتنا كما تحبين أن تجدينا، و«أمينة» تعتني بي عناية فائقة وتحرص ألا تغضبني، و«دسوقي» طبعا مع أميرة أحلامه في العيد، وهو بصحة جيدة والحمد لله، وجميع من هنا بخير، وأنا كما تريدين لي وكما تريدين في عهدي بنفسي وعلى عهدي لك.


            قبلاتي إليكِ بلا نهاية ولا عدد كحبي،،    


                                                                                      ثروت

Friday, October 9, 2009

تطويـــــــــل وتحريف من أجل غرض ما!









هذه تدوينة قليلة الأهمية وإنما استغربت الأمر!


القصة كما قرأتها مرارا من مصادر قليلة مختلفة جاءت كالتالي مع اختلاف ضئيل في الألفاظ إلا أنها جميعا اتفقت على موقف الفاروق من الرجل، تقول:


قال ابن الجوزي: أن عمر بن الخطاب استعمل رجلا من قريش على عمل، فبلغه انه قال:


اسقني شربةً  ألذُّ عليها .. واسق باللّه مثلها ابن هشامِ


فأشخصه إليه، وذكر انه إنما أشخصه من اجل البيت. فضم إليه آخر، فلما قدم، قال عمر: ألست القائل:
اسقني شربةً  ألذُّ عليها .. واسق باللّه مثلها ابن هشامِ؟


 قال: نعم يا أمير المؤمنين، وأن لهذا ثانيًا، وأنشد:
عسلاً باردًا بماء سحابٍ ..  إنني لا أحب شربَ المُدامِ


فقال عمر: اللّه! اللّه!، ارجع إلى عملك





°° 


وفي محاضرة للشيخ «عائض القرني» قصّ بـ«أسلوبه» القصة السابقة، فقال:


قال ابن الجوزي في المناقب :




أرسل عمر والياً على العراق ، وهذا الوالي من قريش، وكان شاعراً أراد أن يقول شعراً, وما ظن أن شعره سوف يصل مباشرة إلى عمر ، فقال الوالي يمزح مع جلاسه:

اسقني شربةً ألذ عليها      واسق بالله مثلها ابن هشام


معنى هذا: أي: اسقني شربة خمر، فالوالي كيف يشرب خمراً؟!
وهل عمر مستعد أن يترك في دولته والياً يشرب خمراً؟!
أهذا جزاء رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم؟
أهذا مصداقية لبقية ما أبقت الرسالة في تاريخ الأمة؟!
فطار البيت مباشرة إلى عمر في المدينة ، وقالوا له: يقول واليك يا أمير المؤمنين:

اسقني شربةً ألذ عليها      واسق بالله مثلها ابن هشام


يعني: جليسه، يقول هذا الوالي: بالله! يا ساقيّ قدِّم لي كأساً أشربه، واسق مثلها زميلي ابن هشام ، فاضطرب عمر وغضب وأزبد وأرعد، فهو ليس مستعداً أن يبقي مثل هذه النوعية الفاشلة في دولته ولو ذهبت الرقاب، واستدعاه مباشرة، وفي الطريق ذهب الناس إلى هذا الوالي، وقالوا له: أنقذ نفسك، فالبيت هو الذي أوصلك في المصيبة، قال: كيف؟
قال: وصله قولك:

اسقني شربةً ألذ عليها      واسق بالله مثلها ابن هشام


قال: ما عليكم، أي: أنه سوف يحلها بإذن الله، فقال بعدها بيتاً:

عسلاً بارداً بماء سحابٍ      إنني لا أحب شرب المدام


ووصل إلى الخليفة، قال عمر : أأنت القائل: كذا وكذا؟
قال: نعم يا أمير المؤمنين؛ قلت بيتين ما قلت بيتاً واحداً، قال: ما هو البيت الثاني؟
قال:

عسلاً بارداً بماء سحابٍ      إنني لا أحب شرب المدام


قال عمر : أما الحد فلن أجلدك بهذا البيت، فقد سلمت نفسك، لكنك لن تلي لي عملاً بعدها.. تلعب بهذه الأبيات, وتصدر هذه الكلمات، ماذا تقول الأمة لي ولك وقد أسمعت الناس أنك تشرب الخمر؟
ما هو موقفي أمام الله يوم القيامة، إذا قال لي: إن واليك يشرب الخمر، كيف أقول؟
كيف أجيب؟
ماذا أقول للملايين والتاريخ؟
ماذا أقول لله؟
ماذا أقول لرسالة الرسول صلى الله عليه وسلم؟!





°°


وتستمر المحاضرة على هذا المنوال ..

والملاحظ أن اعتماد المصدرين على كتاب ابن الجوزي، وذكر المصدر الثاني صراحة اسم الكتاب «مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب»، والقصتان تختلفان في النهاية بغض النظر عن التطويل المسهب في رواية الشيخ «عائض القرني»

وهذه صورة من الكتاب المناقب مصوّر إلكترونيًا (اضغط للتكبير):




إذن .. أرجع إلى عملك أيها الوالي وليس إلى الجحيم!



Thursday, October 8, 2009

تعلم كيف تصنع نوتة


أخي هو كاتب هذه الذكريات التالية منذ مدة طويلة، ومازلت أذكر أيام هذا المعمل البائس :D








"الحصه دى مكتبه"..  قالها استاذ اللغه العربيه لفصلنا العزيز (1-17)
أثارت الجملة فى البدايه دهشتى ..ليس لأنى ذاهب الى المكتبه ولكن لانى علمت ان فى  مدرستى  مكتبه .. فإن مدرستنا لا يوجد بها مدرسه اذا صح التعبير فمن اين تأتى المكتبه!!


طالت دهشتى حتى وصلنا المكتبه .. فى البدايه وجدت الامر مملا .. لا يوجد كتاب اثارنى  للقراءه  وانا ايضا ليس من هواه القراءه .. فانا افضل ان تتبدل هذه الحصه بحصه مفيده لى  كحصه الالعاب او الى حصه زراعه لكى اهرب من المدرسه من خلال سور معمل الزراعة.

استمرت حاله الملل فى هذه المكتبه اللعينه .. الا ان لفت نظرى اسم كتاب .. جعلنى احب هذه الحصه اعتبرت نفسى محظوظا لذهابى الى المكتبه هذا اليوم .. نعم فانا احببت ذلك الكتاب .. وجدته كبيرا بعض الشئ .. بالتأكيد لن استطع قرائته فى وقت الحصه الضيق .. لابد ان أسال عن إمكانيه أستعارته فى نهايه الحصه ..


سارعت يداى لالتقاط  كتاب "كيف تصبح عالم صغير " نعم انه ذلك الاسم اللذى جعلنى احب الكتاب قبل قراءته ..


بدأت القراءه فى لهفه وشوق وكلى امل وحماس .. بدايه الكتاب مقدمات لا فائده منها اخذت اقلب الصفحات صفحه تلو الاخرى تجاوزت  نصف الكتاب دون اى فائده بدات اشعر بأسى وحسره على فرحتى.. قارب الكتاب على نهايته ولم اقرء منه شئ ... و اخيرا وجدت ما اردته ..  ها هى امامى الخطوات مكتوبه لان اصبح عالم  .. سارعان ما فتحت الكشكول  الخاص بهذه السنه ( فى المرحله الثانويه كنت أكتفى بكشكول واحد للسنه الدراسيه).


كنت اكتب الخطوات فى سعاده اثارت انتباه من حولى واتذكر ابتساة صديقى اللذى كان بجوارى ولم  اهتم بسر ابتسامته وهل هى بسبب السخريه ام تشجعيا لى!!


والان مع الخطوات 
1-مكان مناسب للمعمل .... "البلكونه" كانت اول ما جاء فى ذهنى
2-منضده مناسبه للمعمل...توجد فى منزلنا منضده قليله الاستخدام
3-ورق جرائد لحمايه المنضده من اى مواد كيمياويه ... يوجد فى المنزل العديد من الجرائد القديمه (ولكن من اين ستأتى  المواد الكيمياويه)!!
4-زجاجتان مملوئتان بالمياه ... موجدتان ايضا
5-نوته من الورق لتسجيل اخر ماتوصلت اليه وكتابه الاستنتاجات ... من السهل جلبها


اذن الادوات كلها عندى .. من اليوم سيكون لى معملى الخاص .. استطيع من خلاله عمل العديد من التجارب .. التى من الممكن  ان تتطور فى يوم من الايام لتصبح اختراعات  ذات اهميه وفائده للبشريه
انتظرت موعد عودتى الى المنزل بفارغ الصبر لاعداد معملى الخاص فى "البلكونه"!!


ها هى المنضده مغطاه بورق الجرائد وهنا اضع زجاجتى المياه ماذا ينقصنى الان .. نعم انها النوته ساقوم بشرائها من مكتبه قريبه ..ولكن..لماذا أشتريها .. ساصنعها بنفسى .. من الان ساصنع مااحتاجه بيدى


احضرت 3 ورقات وقمت بتقسيم كل ورقه الى 4 وريقات واحضرت غلاف كشكول فى مثل حجم الوريقات لتصبح غلاف للنوته وقمت بتدبيسها مع الورق من اعلى ... وهاهو اول عمل ينتج من معملى !
جلست داخل معملى ساعه او اكثر دون إضافه اى شئ جديد .. انه الارهاق نعم فانا منهك ولابد من الراحه قليلا


وفى الليل ذهبت الى معملى لاخترع قليلا مرت الساعات فى انتظار اى جديد كنت اجلس امسك النوته معجبا بصنع يدى .. وكنت اقوم بتعديل صناعتها مثل فك الدبابيس واعاده تدبيسها مره اخرى  وذلك حتى لا يتسرب الملل والياس الى  داخلى


مر اليوم الثانى والثالث دون جديد  حماسى لمعملى قل كثيرا او يكاد ان يكون معدما  وتوالت الايام  ...
ومر اسبوع كامل دون جديد ..جاءنى صديق فى هذا اليوم الى منزلى وكنت قد اخبرته من قبل عن معملى الخاص واتذكر عدم اهتمامه بما قلته وكأننى لم اقل شيئا!!


سالته اذ كان يريد ان يرى معملى الخاص  .... "معمل ايه" قالها فى دهشه .. الان فهمت عن عدم اهتمامه فى المره الاولى 


اخبرته انه قريب من هنا... انه فى البلكونه!. ..واخذته ليرى المعمل !!


فى الحقيقه انا لم ارى صديقى يضحك بهذا الشكل من قبل فكان يضحك بطريقه هيستريه  ... من شده الضحك لم يستطع الوقوف على قدميه واخذ يركع وهو فى حاله جنونيه من الضحك !!!


الان فقط  تدمرت فرحتى بمعملى ...اليأس  حطمنى تماما .. فى هذه اللحظه قررت ان اغلق المعمل تماما
وفى صباح اليوم التالى  فى المدرسه تمنيت ان اذهب للمكتبه مره اخرى واحضر ذلك الكتاب اللعين  واقوم  بتغيير اسمه الى  "تعلم كيف تصنع نوته"


••


وانتهت أيام الثانوية ودخل أخي كلية الصيدلة!