Saturday, October 17, 2009

مع عمرو في باريس!










هناك من يسافرون مكانيًا، بمعنى أن تذكرة السفر فقط هي دليلهم الوحيد على أنهم خرجوا من حيز هذا البلد إلى آخر ، وذلك بدون زحزحة واضحة في الآراء والمعتقدات، فهل وافق ما رأيته من باريس عبر السينما والإنترنت ما رأيته في بعدما لمست قدماك الأراضي  الفرنسية .. ما الفرق الذي تكّون لديك بين ما رأيته من خلال عيون الآخرين وبين ما رأيته بعينيك؟

عمرو:


نعم ، هذا صحيح ، ولن أتحلى بشجاعة منقطعة النظير وأصرخ فيك زاعقاً بكل العبارات التي تنفي عني الصفة الأولى ( السفر المكاني ) وكذلك لن أستطيع أن انكر تأثري وملاحظتي واختلاف نظرتي حين وطأت أقدامي الاراضي الفرنسية.



في البدء دعنا نقول أن أول ما يمكنك ملاحظته ، هو ان الشعب الفرنسي يكره الإنجليزية، ولا يحب التكلم بها ، ويتمتع بقدر كبير بالفخر بلغته الفرنسية ، ويبذل جهداَ واضحاً عند التحدث بها ، والمطاعم مليئة دائماً، والناس على المقاهي في كل مكان ..ولذلك باريس مدينة حية جداً ، كما يقولون المدينة التي لا تنام ! على عكس لاهاي التي أتواجد بها حالياً فهي مدينة الهدوء والسلام :)

وحينما سمعت كلمة La Nuit Blanch  - والتي اذا ترجمتها ترجمةً حرفية ستعني الليلة البيضاء ! ولكن ذلك لا معنى له ولكن بالعودة للفرنسية فحين يقول أحدهم :
J'ai passé une nuit blanche


فيعني ذلك أنه قضى ليلة لا نوم فيها - لم أكن أتصور أبداً أن المدينة تكون على هذا الحال، الناس في هذه الليلة وهي ليلة الأحد ، ينزلون الى الشوارع ، ويتعاطون الخمور ، وقد تجد مجموعة من الشباب في سيارة ليموزين نيويوركية الصنع يخرجون رؤسهم ويصرخون ويطيحون بزجاجات الخمر على الطريقة الأمريكية ، وتجد تخفيضات في المطاعم والبارات وربما عروض مجانية ..

قد تجد وأن تمشي في الشوارع ليلاً بعض السود يضايقونك ، ربما لأنك غريباً عن البلدة ، قد تجد الكثير من الباعة المتجولين عند برج إيفل والمسلمين غالباً ، ويستحلفونك أن تشتري منهم شيئاً باسم الإسلام والأخوة ..





أيضاً في فرنسا ، للسوق طعمٌ آخر ، في صباح الأحد تجد كل المحلات مقفلة ، وليس أمامك إلا السوق ، والسوق كما رأيته يبدأ في الصباح الباكر جداً ، وتجد الجميع يتزاحم في هذا السوق ، وينتهي في الساعة الثالثة تقريباً ، الطريف أنه إذا أتيت مثلاً في الساعة الخامسة، لن تعرف أصلاً بوجود السوق لأنه لا دليل على وجوده ، فلا مخلفات أو بقايا ، أو خلافه ..

أيضاً من الأشياء الجميلة ، عازفين الموسيقى في كل مكان ، في المترو تجد أحدهم يمسك بالجيتار ويعزف بعض الأغاني ثم يمر في هدوء لتعطيه ما تريد بدون "رزالة " أو "تناحة " أو خلافه ، أو تجد بجوار متحف اللوفر ، عازفي الفلوت فقط يضع حقيبته على الأرض ولا يسأل أحداً شيئاً  ..

أم عن الشحاتة الصافية ، فهم على نوعين ، فالنوع الأول وهو المعروف لدينا يدخل في المترو ويتكلم قليلاً ، ولكن الجدير بالذكر أنه لا تبدو عليه ملامح الفقر أو غيره .. أو ربما تجده في السوق يقبع جالساً ، ويرفع لافتة لا أكثر ..

المسلمون في فرنسا ، شئٌ لم أتوقعه ، فالحجاب منتشر بشكل موسع (وهنا أيضاً في هولندا)، وليس مقتصراً على المهاجرين أو ذوي الأصول العربية والإسلامية ..

الفرنسيات جميلات بشكل منقطع النظير ، ويتمتعن بابتسامة ساحرة هادئة ، وكما يقال باريس مدينة العاشقين بحق ، فمشهد القبلات الساخنة أو الأحضان الدافئة تراه كل يوم في كل مكان، في الشارع ، في الحدائق وحتى في المترو وفي كل مكان!


 أوروبا بشكل عام وباريس بشكل خاص تتمتع بأسعار غالية للغاية ، فباريس خصيصاً تعد من أغلى مدن العالم في مستوى المعيشة والاستهلاك ، كنت أقضي ليلة في فندق نجمة واحدة Une etoile هناك ب53 يورو في الليلة ، أي مايعادل إيجار شقة صغيرة أو متوسطة في مصر لمدة شهر!




On ne peut jamais se perdre dans Paris

Amr sobhy





لن تشعر بالتيه أبداً في باريس طالما معك خريطة المترو التي تجدها في كل مكان ، ففي باريس 12 خط مترو ، غير القطارات RER الداخلية ، فهي تتمتع بشبكة مواصلات قوية جداً ، لم أر مثلها في حياتي ! فلكي تذهب إلى أي مكان عليك فقط معرفة اقرب محطة مترو إليه ، والنظر الى الخريطة والتوجه اليه بكل سهولة من الجدير بالذكر أن القاهرة التي تبلغ مساحتها مرتين ونصف ضعف مساحة باريس .. بها خطان للمترو فقط ، وبصدد إنشاء الثالث .


لم أجلس في باريس بشكل كافي لأستطيع ملاحظة الكثير فقد كان معظم الوقت في العمل في اليونسكو، والأخر في محاولة الوصول للفندق




°°




إذن أنت أسعد حظًا من توفيق الحكيم الذي سافر إلى باريس ليحصّل العلم والشهادة الجامعية، ليعود بذكريات وافرة وحقيبتين مملوءتين بالكتب الفرنسية وحلم لم يتحقق في حصوله على درجة جامعية من هناك!، والآن كأنك قد تحدثت بما يمكن بتسميته بقوس واسع من عادات الشعوب، فذكرت عادات الأوربيين والأمريكيين والسود والمسلمين.. مختلف الثقافات في زجاجة معتقة باريسية الصنع تستوعب المزيد في استمرارية مدهشة، كصياغة أخرى لما قاله أدونيس: أنك إذا جردت باريس من الأجانب فلن يبقى بها شيء، فلنتحدث إذن عن المواطن الفرنسي البحت .. مَن هو؟



عمرو:


لن أملك المعرفة الكافية للإجابة على هذا السؤال لأن معظم الوقت كما ذكرت ، كان يمر باليونسكو حيث تجد ممثلين لكل دول العالم ، واحتكاكي بالمواطن الفرنسي البحت لم يكن كبيراً ولكن دعنا نفكر ..

1)  يتحدث بالفرنسية!

فكنت أعتقد أن باريس مكان جيد لبدء ممارسة اللغة الفرنسية ، ولكن توقفت عن هذه الفكرة تماماً بعض وقت قصير ، لأني كنت أستطيع صياغة الجمل بشكل سليم ، وتكوين السؤال بل وطرح السؤال بلكنة جيدة ، ولكن المشكلة ، في أنه إذا سألت فرنسياً بالفرنسية ، سيجيبك بالفرنسية ! وفرنسيته تختلف كثيراً عما تعلمت أنت في الكتب وغيره ، ولذلك فضلت الإنجليزية كوسيلة للتواصل دائماً هناك باستثناء مكتفياً فقط بترديد بعض الكلمات الإفتتاحية لجذب الإنتباه excusez-moi! وParlez-vous angalis ?


2)  لا يألوا جهداً لمساعدتك ، إذا كان يتحدث الإنجليزية .

فكثيراً ماكنا نتيه في محطات المترو ( الشاسعة الحجم ) بحثاً عن الطريق الصحيح ، فكانوا يقدمون مايستطيعون من العون وإذا لم يعرف الطريق سيقول لك بكل بساطة Je ne sais pas و"مش هيفتيلك على أساس انه من البلد"!

أول أيامي في باريس كنت في حيرة من أمري في كيفية الوصول للفندق ، سألت أحد المارة وكانت فتاة في مقتبل العمر ، لم تكتف بشرح الطريق لي، ولكن رافقتني حتى رأيته .
وأثناء مغادرتي لباريس ، كنت أحمل معي حقائباً أكثر من متعلقات الملوك المصريين التي يضعونها بجوارهم لتساعدهم على الحياة في الجانب الآخر ، وكسرت حقيبتي الكبرى .. وكان البعض يقدم لي المساعدة في حملها دون أن أطلب حتى .


3) القبلات في كل مكان!

بغض النظر عن القبلات الساخنة ومشتقاتها في كل أنحاء باريس و اذا كانت هذه أول مرة في باريس - هذا الكلام سيلاقي هوىً كبيراً في نفوس المصريين :D - ، فلا تتفاجأ أبداً إذا قدمت لك إحداهن التحية عن طريق تقبيلك ، وذلك بدون أي معرفة سابقة أو نية سيئة ، ولكن -كما رأيت أكثر من مرة - تلك هي الطريقة العادية للتعبير عن الترحيب .


4) لا يأكل في البيت

هذا استنتاج شخصي مني ، أن معظم الوجبات التي يتناولها الفرنسيون تكون في المطاعم ، أحد المصريين الذين قابلتهم هناك ذكر أن هذا هو ربما سبب جمال الفرنسيات المنقطع النظير أنهم لا يقضوا يومهم في معانقة رائحة البصل والتوابل ، ولا يتفنن في ربط رؤسهن كما نرى في مصر، ولذلك تجد الفرنسية لا تهتم بالطبيخ ، ويتسنى لها وقت أكبر للاهتمام بزوجها وبأطفالها وأخيراً بنفسها !

دعنا نقول أن هذه أشياء سطحية جداً ، ولكن هي محاولة للإجابة عن سؤالك ، وأعتبر نفسي كأني لم أقعد في باريس قط، وأتمنى أزورها مجددا لإعادة اكتشاف ما لم اكتشفه!














3 comments:

Rehab said...

حوار ممتع:D
و ان كانت هذه هى الصورة التى نتخيلها عن الدول الاوروبية..
الجدير بالذكر ان من المعروف عن المسئولين الاوروبيين التواضع الشديد..فنجد ساركوزى يركب مترو الانفاق كما جاء فى احد الصحف!
عمرو..استمتع بوقتك فى لاهاى أيضا..لكل مدينة سحرها الخاص!
أحمد..استمتع برؤية تلك الأماكن من عيون صديقك..حتى يتسنى لك ذلك بنفسك:D

أحمد فضيض said...

لا فضل يذكر لي هنا :D

وكان عمرو كما قال محتاج دفعة صغيرة ليجد طريقا للحكي، وها هي النتيجة الرائعة مصاغة بأسلوب شيق للغاية :D

--
استمتع برؤية تلك الأماكن من عيون صديقك..حتى يتسنى لك ذلك بنفسك:D
--

آمين .. ولكِ أكثر :D

n.yousef said...

حوار رائع
هل ما زلت ترغب في الذهاب هناك يوماً ما ؟؟؟
و هل تفكر في ان تعيش في بلد غير مصر يااحمد ؟؟

تحياتي لك عزيزي احمد