Friday, December 23, 2016

وجه في الأخبار









هي مانويلا كارمينا (72 عامًا) عمدة مدينة مدريد، وهي زعيمة الحزب اليساري المعارض والذي لم يُتح له الوصول لذلك المنصب من خلال الانتخابات منذ أكثر من ربع قرن، ولكن الناخبون قرروا أن يعطوا لحزب اليسار فرصته لمعالجة ما لم يستطع الحزب الحاكم عمله، ومنذ أن تبوأت منصبها منذ منتصف العام الماضي (2015) وهي تعلن دائمًا أن هدفها هو جعل مدريد من أكثر المدن الملائمة للعيش في العالم، وتعاونت لذلك مع أحد مراكز الأفكار الإبداعية، والجميل إنها لم تستعن بهم من أجل إمدادها بهذه الأفكار والاقتراحات مباشرة، لا، وإنما استعانت بهم في تدريب موظفي القطاع العام لديها لمدة خمسة أشهر على التفكير الإبداعي لحل مشاكل العاصمة مدريد، ومن ثم فهي تجتمع بموظفيها وتستمع إلى اقتراحاتهم ودراساتهم المبدئية، وفي حالة الموافقة تمنحهم الدعم والتأييد الكامل والتمويل بصفتها عمدة المدينة


°


ولا يشترط بهذه الأفكار أن تكون حصرية، وإنما وفقط صالحة للتطبيق، ففي منتصف شهر نوفمبر من هذا العام (2016) أُقيمت مبارة كبرى بين فريقي ريال مدريد وأتلتيكو مدريد، واستباقًا لمشكلة رمي أعقاب السجائر من آلاف الزوار التي تمتلئ بهم المدينة وقتذاك لمشاهد المباراة، وضع مجلس المدينة منافض سجائر بفتحتين لرمي الأعقاب، كل واحدة منهما تحمل شعار طرفي اللقاء، وطلب من المشجعين اختيار فريقهم المفضل برمي عقب سيجارتهم في المكان المفضل لهم، كاستطلاع للرأي حول الفائز، ونجحت تلك الفكرة البسيطة لطرافتها


°



وكذلك اقترح عليها موظفوها ضمن اقتراحات أخرى أن تكون مدريد هي المدينة والعاصمة الأولى أن تعمّم فكرة زرع أسطح الباصات العامة العادية، أو ما يُسمّى بالحدائق المتنقلة، فالفكرة طُبقت من قبل في بعض مقاطعات أسبانيا، ولكن على نطاق ضيق لم يُتوسّع فيه، ولاقت الفكرة ترحيبًا بالغًا من جانبها، وأصدرت بيانًا قالت فيه أن هذه طريقة بسيطة ورائعة لتنقية وتحسين هواء العاصمة، وزيادة المساحات الخضراء بها، واعتياد السكّان على رؤية اللون الأخضر المبهج حولهم أينما ساروا، وهذا سينعكس إيجابًا عليهم بالتأكيد، ثم قالت أن التكلفة اللازمة لعمل الحديقة المتنقلة أعلى الباص الواحد، ستكلّف 2500 يورو، ستعمل على أن تتحملها خزينة المجلس، أو حتّى ستفتح باب المشاركة أمام "الرعاة الرسميين"، ليمتد البساط الأخضر بطول مدريد وعرضها


°


وكانت قد أعلنت من قبل أن مدريد ستمنع بحلول عام 2025 سير سيارات النقل وغيرها مما يعمل بالديزل (السولار) حفاظًا على البيئة من إنبعاثاتها الضارة الفائضة، وكذا بمناسبة أعياد الميلاد هذا العام، فقد كان قرارها الجديد هو تقييد المرور في شوارع وسط المدينة فترة أعياد الميلاد، ومنع سير السيارات الخاصة والنقل منذ الخامسة عصرًا حتى العاشرة والنصف مساءً، باستثناء الحافلات العامة وسيارات الأجرة، لأنها ترى أن الأولوية في وسط المدينة للمشاة في ذلك الوقت، وجلب عليها هذا التقييد الكثير من الآراء المعارضة، وقالوا أنها بهذه الإجراءات تجعل من العاصمة مدريد مجرد مدينة صغيرة غير هامة، ولكن مانويلا لا تبالي بذلك، بل تنوي الذهاب إلى ما هو أبعد من ذلك لصالح المشاة، ونشرت هذه الصورة الطموحة التي تعكس رؤيتها لمعنى شعارها: جعل مدريد من أكثر المدن الملائمة للعيش في العالم:

 

وهي صورة لم تُطبّق بعد، فهي صورة تقديرية، يتضح منها أنها تقف مع جانب المشاة ضد السيارات، وستحذف حارتين مرورتين من الطريق وستزيد تبعًا لذلك من مساحة الرصيف على الجانبين، إلى أن تصبح مساحة الرصيف المخصصة للمشاة أكثر من ضعف مساحة مسارات السيارات في الاتجاهين، وهذا التصميم المُقدَّم لتعديل شوارع وسط المدينة، والذي نال موافقة مجلس المدينة مؤخرًا، يتضمن أيضًا تقييد مرور سيارات الوافدين من خارج المدينة لمناطق وسط البلد، وبناء محطات انتظار تحت الأرض لسيارات الأجرة وللمواقف العامة للحافلات ولتأجير السيارات الكهربائية والدراجات، وغير ذلك من الخدمات التي ستساهم بشكل فعّال في تنقية هواء العاصمة قبل أي شيء آخر


°

ولمانويلا نظرة مختلفة إلى اللاجئين الوافدين إلى العاصمة الأسبانية، لا يوافقها فيها الكثير من سكّان عاصمتها ويبدون سخطهم علانية، فهي ترحّب بجميع اللاجئين، ولا تدقق كثيرًا في شئونهم القانونية، وتعتبرهم حسب كلماتها: كنزًا لأوروبا، فهم يد عاملة وفيرة، وينقصها التدريب فقط، ومن منصبها فهي تقدم لهم هذا التدريب حتى يجري توظيفهم في مختلف الأعمال التي تحتاج إليها العاصمة، فتقدّم لهم السكن المؤقت والدورات المكثفة لتعلم اللغة الأسبانية، وإلحاق أطفالهم بالمدارس، ثم لا تطلب من القادرين من أرباب الأسر سوى العمل!، فلا ملاحقة أو شكوى من زيادة الأعداد، فمَن يعمل يبق!، وفي هذا مصلحة الجميع



°



ومانويلا: "لا أدرية"، أي لا تؤمن بوجود رب لهذا العالم، ولا تكفر به أيضًا، فاللاأدرية كما تقول صفحة تعريفها على ويكيبديا: "موقف فلسفي يؤكد أن الإنسانية تفتقر للأسس المنطقية الضرورية لتبرير أي معتقد، وهي المتعلقة بإثبات الذات الإلهية أو نفيها"، ولكن هذا لم يمنعها أن تبعث رسالة مرئية عبر تويتر بالأمس القريب تهنّأ فيها سكان مدينتها بعيد ميلاد المسيح، وتقول في رسالتها أن فترة أعياد الميلاد تجاوزت أسوارها الدينية المسيحية، لتصبح ذات معنى تضامني واجتماعي وإنساني عام، ثم أعلتْ من شأن الاجتماعات العائلية والتقارب الأسري خلال أعياد الميلاد، وقالت لعلها فرصة لنتعرّف أكثر على أولئك الذين نتقاسم معهم الحياة