Thursday, October 30, 2008

عندما يتخيل العقاد


 


«عباس محمود العقاد»، انطق هذا الاسم الآن!، ألم تحس بالرهبة!، لا يهم إن لم تكن تعرف الشخصية من قبل، يكفيك النظر إلى الشارع المسمّى باسمه، شارع طويل على جانبيه تتكدس عشرات المحلات بما تحتويه من آلاف السلع، وآلاف السائرين ليلا ونهارًا، وآلاف الرغبات.


وهو أيضًا مثل هذا الشارع طويل مهيب ويحمل آلاف الآلاف من المعلومات والمعرفة، ويقرأ الملايين كتبه التي مازالت طبعاتها تتوالي، ويجدون جميعًا في كتبه ما يريدون على اختلاف أهوائهم، فهذا الرجل عملاق ولا أجد كلمة أخرى يمكنها أن تختصر حياته الحافلة غيرها!


هذا الرجل قد يمتعك جدًا ويفيدك جدًا عند قراءتك لفلسفته .. لنقده .. لتحليله .. ليومياته .. لمقالاته .. لدراساته الإسلامية والأدبية والتاريخية .. لترجماته .. لشعره .. لقصصه الصغيرة .. لسارته!، أي روايته الوحيدة  التي كتبها باسم «سارة»!


وكما ترى فالمزيج الذي بأعلى هو مزج بين النوع العقلي والنوع الخيالي، فطبيعي أن يحدث خلط بينهما أحيانًا، وحدث هذا الخلط لدى العقاد في إحدى مقالات كتابه «الإسلام دعوة عالمية»، ففي هذا المقال العجيب تناول العقاد فكرة للأديب الروسي «ديستوفيسكي» قالها في روايته «الإخوة كرامزوف» وهي عن عودة السيد المسيح عليه السلام للأرض وأخذه في وعظ الشعب والتبشير بالملكوت، إلى أن انتهى الوقف بطلب رجال الدين المسيحي من المسيح أن يرحل من مدينتهم وإلا سيضطرون لصلبه مرة أخرى!، لأن الناس أصبحت تستمع إليه وإلى  عظاته وحده وأصبح لا أحد يأتيهم!.


هذه هي الفكرة التي تخيلها الأديب الروسي، فماذا فعل العقاد؟!، طبيعي أنه تساءل وقال: وماذا لو عاد محمد عليه السلام مرة أخرى للأرض في هذا الزمان!، ماذا قد يحدث!


تعالوا نرى كيف أجاب العقاد على هذا السؤال الافتراضي ..


قال العقاد أن الرسول الكريم إذا عاد إلى الأرض فترة قصيرة من الزمان فأنه – أي العقاد – سيكتفي بسؤاله عن خمس مسائل فقط، كما قال، فلا لجاجة ولا اختلاط ولا حاجة إلى الاجتهاد والتأويل من مجتهد أو مقلد، وما أشبه الاجتهاد والتقليد في هذا الزمان!، ما سبق هو كلام العقاد.


أما هذه الخمس مسائل فهي ..      


              


مسألة الأحاديث النبوية .. مسألة الروايات في قراءة القرآن المجيد .. مسألة الخلافة والملك .. مسألة الرسالة والنبوة بعد خاتم المرسلين .. ومسألة المذاهب الاجتماعية الحديثة وحكم الإسلام عليها وقول نبي الإسلام فيها!


 


حتى هنا والكلام جميل، ولكن كيف التطبيق!، ثم أخذ في تفصيل كل مسألة، فالمسألة الأولى يقول فيها "وكلمة واحدة من فمه الشريف عليه السلام ترد الأمور جميعها إلى نصابها: "لم أقل هذه الأحاديث"، وينتهي القال والقيل ويبطل الخلاف والجدال، ويبطل معهما بلاء أولئك المحدثين الذين يستندون إلى الحديث الكاذب في التضليل وترويج الأباطيل"


يا ليت ذلك!، ولكن مرة أخرى كيف، أن الأحاديث النبوية المتكدسة داخل كتب الصحاح والسنن والأحكام وكتب السيرة والتاريخ، تقدر بآلاف الآلاف، كيف يمكن أن يتسع وقت أحد في تلك الـ«فترة القصيرة من الزمان» لبيان الرأي الفاصل في تلك الأحاديث كلها، بالتأكيد الأستاذ العقاد يدرك هذا وإنما أسرف في التخيل.


أما في باقي المسائل فقد يتسع الوقت لها، وهي في رأي العقاد تتمحور حول إبداء الرسول الكريم الرأي حول نظام الاشتراكية فقط!، وأن يسجل بصوته الشريف القرآن الكريم كاملا ليحل بذلك وللأبد حكاية تعدد الروايات القرآنية!


ولا ينسى الأستاذ عباس العقاد أن يقول أنه عند معرفة إجابات هذه المسائل الخمس فأنه سيأتي على «الهامش»! سؤال الرسول عليه السلام أسئلة عن ترجمة القرآن وعن حقوق المرأة وعن الفتاوى المختلفة وعن أحاديث شتّى مما يتحدث عنه الصحفيون وأشباه الصحفيين!، هذا ما قاله.


يا إلهي!، سيكون يومًا مرهقًا للغاية!


 

Monday, October 27, 2008

حوانيت

حوانيت


(1)

علّق البقال قائمة الأسعار الجديدة على واجهة الدكان، وكتب أسفلها بروح مرحة «ويا رب الأسعار تثبت عند ذلك ولا تزيد!»، وكانت هذه العبارة تثير ابتسام الجميع عند الشراء منه، وأستمر الحال عدة أيام قبل أن يختفي شيء أثار هذه المرة الانتباه والشعور باليأس، نعم! مازلت الأسعار كما هي ولكن هذه العبارة التي بعثت التفاؤل .. اختفت!


(2)

«لاحظت المقهى الجديد الذي تم افتتاحه منذ أسبوع بالقرب من عمارتنا؟»

قال لي جاري ذلك، فاتحًا حوارًا بيننا ونحن نسير في طريقنا لشراء عشاء الليلة، ولم أرغب في الكلام فأصدرت صوتًا خافتًا وأومأت برأسي بأني شاهدته، واستمرت خطواتنا الصامتة قبل أن يقول بغتةً:

- «.. هو لم يعجبني!»

- «لِمَه؟»

وقادتنا خطواتنا عند هذه اللحظة أمام بائع الحليب، فدلف إلى الداخل، وانتظرته خارجًا، وراقبت البائع وهو يقوم بتلقائية متكررة بإيلاج كوب القياس لأسفل ثم رفعه لأعلى لينساب منه الحليب الأبيض في انسيابية رائقة ليستقر داخل الكيس الشفاف، مضت لحظات ولمحته وهو يتجه نحوي متفقدا باقي النقود، ثم صار بجانبي واستمرت خطواتنا تقطع الطريق، واعتدنا على الصمت في هذه المسافات الصغيرة التي نقطعهًا معًا، فهو يرى بها مشاركة وجدانية معي، بينما أراها فرصة لكي أصافح هواء الليل البارد وأراقب أضواء السيارات وأضواء الحوانيت المنتشرة.

بادرني قائلا:

- «أتعرف تلك الفتاة السمراء؟»

- «مَن هي؟»

أشار إلى اللاشيء أمامه:

- «تلك الفتاة!»

نظرت إليه وإلى الأضواء الهائمة التي تسبح داخل عينيه الآن ويستمر:

- «كنت أنتظر أن تظهر كل صباح .. وأحببت الانتظار من أجلها»

أعدت سؤالي السابق وقد تملاني الفضول:

- «مَن هي؟»

- «تلك الفتاة يا أخي! ..ابنة بوّاب العمارة المجاورة»

واستمر حالمًا:

- «لم أعتقد من قبل أن طريقة ربطها للمنديل على شعرها قد تثيرني إلى هذا الحد .. أنها فاتنة .. شعرها .. نمشها الأحمر الصغير المنتشر على الخد .. وجهها .. انحناءات جلبابها الفضفاض وهي تتحرك ..!»

وكأنه لاحظ أنه تمادى في الوصف والتعبير، فنظر إلىّ وعلى وجهه بقايا انفعالات حاول أن يخفيها، وقال:

- «أحقًا أنك لم تلاحظها من قبل؟»

- «ربما .. لست أدري!»

فأومأ برأسه ولم يتكلم، فقلت في حيرة :

- «لا أفهم!»

وأصبحنا أمام البقال، فتوقف برهة من الوقت ساكنًا متأملا السلع أمامه بدون تمييز، ثم التفت لي وقال:

- «ألم تلاحظ المقهى الجديد؟»

هززت رأسي وقلت في سرعة هذه المرة:

- «نعم .. لا بأس به!»

فأعاد النظر لصفوف السلع أمامنا، ثم قال في هدوء واقتضاب:

- «منذ افتتاح المقهى ..  لم أعد أراها!»

ودلف للداخل في سرعة، وتركني في دهشة أصابتني إياها حروفه الأخيرة، وتراجعت للوراء وأنا أحكّ ذقني برفق وأراقب أضواء السيارات والحوانيت والمارة، وأحاول اعتصار ذهني لأتذكر ملامح الفتاة الفاتنة التي احتجبت بعيدًا عن أعين زوار المقهى وهي لا تدري أنها كانت قبل ذلك مليء نظر صاحبنا كل صباح.


(3)

كانت جنازة الرجل مشهودة، وضاقت طرقات «القرافة» بأقدام المشيعين، وامتلأت سماءها بالغبار والصهد ورائحة العرق، وكان الوقت بعد صلاة الجمعة الأخيرة من شهر رمضان، وأعطت مكانة الأيام العشر الأخيرة هيبة وجلال على الميت المسجى وعلى المشيعين الذين يتقدمهم شيخ الجامع الإمام بملابسه الأزهرية الوقورة، الذي وقف عند باب المدفن الصغير، وأخذ يكرر فضائل العشر الأواخر ويطيل العظة والعبرة، إلى أن انتهى الدفن وتوارى الجسد تحت التراب، ليرفع الشيخ الإمام يداه للدعاء، فيرفع المشيعون أيديهم وراءه، وينتهي الأمر لينصرف الجميع متفرقين في أنحاء «القرافة» الواسعة ملتمسين طريقهم للخروج.

ولم تكن الصلاة الجامعة وحرمة الشهر فقط هما اللذان تسببا في ازدحام الناس للتشييع وسيرهم تحت شمس الظهيرة الحارقة وتحت وطأة الصيام هذه المسافة الكبيرة التي تفصل المسجد عن القرافة، وإنما يكمن السبب الأكبر في أن الجميع يعرف ذلك الرجل الذي حملوه منذ لحظات إلى مثواه الأخير.

أنه «عمّ عيسى» هكذا يعرفه الجميع، فهو بائع الفول الشهير، وهو ذلك العصامي الذي بدأ المهنة بجرّ عربة الفول كل صباح وهو يجوب الطرقات بلا ملل أو تعب، إلى أن تمكن من استئجار مطعم صغير ليتابع فيه مهنته، وإلى أن أستطاع بناء عمارة سكنية ليجمع فيها شمل أبنائه ويعينهم على استكمال نصف حياتهم، ولينتقل مطعمه الصغير لبيع الفول إلى مكان أكبر أسفل عمارته.

وكان الجميع يذكر تواضعه الشديد، فهو لم يتخل لحظة عن ملابسه البسيطة، ولم يستطع التخلص من جسده النحيل وملامحه الشاحبة التي أرهقتها السنين وجهد الحياة، ويتذكرون مكانه الأثير أسفل عمارته وهو يجيل النظر في صمت وهو يرقب حركة الشراء داخل مطعمه الكبير.

عُلقت أمام المدفن لوحة من الرخام نُقش عليها اسم الرجل وتاريخ الوفاة الهجري بخط بارز، ولم يتغير الكثير!، فمازال المطعم الشهير يلقى رواجًا، ومازال الناس يتذكرون الرجل الطيب المكافح، ومكان الرجل الأثير تغيّر قليلا، فالآن هو على الحائط داخل المطعم داخل إطار سميك أسود اللون، وهو يطل على حركة البيع كعادته الأخيرة بجلبابه الأبيض البسيط وملامح وجهه الشاحبة.


(4)

رآها تسير مسرعة أمامه وهي تقبض بيدها على محفظة نقودها الصغيرة، ولم يبد عليها كأنها تعبأ بأحد وهي تنظر في حركة ثابتة لا تتغير لنهاية الطريق، ولكن من هي؟، أنه يعرفها، رأى ذلك الوجه الأربعيني من قبل، أين؟، لا يدري!، نظر إلى ملابسها المتربة، أنها سيدة فقيرة لا شك!، يظهر ذلك من ملابسها .. حذائها .. طرحة الشعر المثقوبة، ورائحتها!

مَن قد تكون؟، أنه يتذكر أنه رأى هذا الوجه من قبل، لم يستطع أن ينسى مظهره الفريد، هذا الأنف الوردي الصغير والعينان المتسعتان في بلاهة يسيرة، وقبل كل ذلك طولها المتفرد، فهي كنخلة باسقة، من قد تكون؟

«قد تكون أحدى معلّمات المدرسة الابتدائية؟»، طرح ذلك التفكير سريعًا، فهندامها لا يدل على أنها كانت معلّمة ذات يوم في مدرسة طفولته، فهو من مدارس اللغات الخاصة!، وهو كم شاغب معلّمات مدرسته جميعًا .. ولكنه لا يتذكرها!

تأملها وهي تبتعد فيزيد من اتساع خطواته تدريجيًا ليتبعها دون أن تنتبه له، وتبرق فكرة أخرى، فهي ربما تكون من صديقات والدته، فوالدته سيدة اجتماعية إلى أقصى درجة، وهي تصادق الجميع من سيدات المجتمع إلى عاملات النظافة في الطرقات!، فربما قابل تلك السيدة المجهولة وهو مع والدته في الطريق.

أرتاح لهذا التفسير الأخير، ولكنه لم يتوقف عن تتبع السيدة المجهولة، وسار ورائها إلى أن انعطفت في طريقها ثم دخلت إلى مبنى مألوف لديه، فرفع رأسه ليدرك ويبتسم.

«أنها بائعة الخبز!»، هكذا قال لنفسه، فهذا الوجه الفريد بعينيه الواسعتين هو نفس الوجه الذي ميّز بائعة الخبز الذي داعبته ذات يوم وهو صغير في مرح بعد أن رأته مع والدته وهو يردد بصوت طفولي مثير: «الدور! .. الدور!» ليمنع بذلك تجاوز الناس للطابور، ومن الغريب أنهم كانوا يتجاوبون معه وهم يضحكون من براءته الظريفة!، وأعجبها ذلك، فأصبحت تناوله كل وقت تراه فيه مع والدته رغيف إضافي، تعطيه له باليد وتقول ضاحكة «هدية!»، ثم تقرص في رفق وجنته الناعمة المكتنزة وتلوّح بيدها مودعة.


(5)

هذا غريب!، فمن النادر أن أمرّ بهذا الطريق، ربما فعلت ذلك مرات قليلة لا تُذكر، ولكن ذلك الحانوت دائما ما يلفت انتباهي بقوة، أتذكر أنني رأيته منذ عدة شهور تكاد تقترب من السنة، رأيته وقد أصبح صالون حلاقة للرجال، وأتذكر أنه تم طلاء الحائط المجاور له باللون الأبيض ليُكتب عليه اسم الصالون، ثم مررت بالطريق مرة أخرى بعد ما يقرب من شهر ونصف، لأجده الصالون قد أعتزل عالم رؤوس الرجال واخذ حقائبه إلى عالم النساء، نعم! أصبح صالون تجميل للنساء، وتم طلاء الحائط باللون الأبيض مرة أخرى لكتابة الاسم الجديد عليه.

ولكن لم يدم الحال طويلا، فبعد عدة شهور قليلة، تجولت في هذا الطريق، فرأيت صف من الدراجات المتراصة، ولأفاجئ أن الصالون تحول إلى ورشة لتصليح الدراجات وتأجيرها، ولكن ما يزال هناك اسم صالون التجميل النسائي، فربما قرر صاحب الورشة عدم دهانه مرة أخرى توفيرًا منه.

وذهبت مرةً أخيرة لزيارة الشارع وبداخلي رغبة في رؤية مصير ذلك الحانوت الغريب!، وكلما اقتربت منه كان يتزايد بداخلي يقين بأني سأجده وقد تحول إلى نشاط آخر، واقتربت ورأيته، وصحّ ذلك اليقين بداخلي، ولكنه لم يتحول إلى نشاط آخر جديد، بل عاد مرة أخرى إلى نشاط صالون الحلاقة الرجالي، تمهلت في سيري قليلا لأنظر مرة أخيرة إلى ذلك الحائط، أصبح الآن أبيض بشكل تام دون أي كتابة عليه، فمَن يدري ماذا قد يُكتب عليه غدًا.


[تمت]

Thursday, October 23, 2008

ابتسامات بلا فائدة


 


أبتسم دائمًا عند مروري بجوار مكتب تذاكر «الخطوط الجوية التشيكية»، فهناك على الواجهة الزجاجية ورقة كُتب عليها فقط «لا توجد بلاد عربية»، وأتجاهل عن عمد ما يقصدونه من عدم توافر رحلات للدول العربية، وأسرح بخيالي .. وأبتسم!


 


سألت بصدق عن سبب الانضباط والرقابة في المترو فيما يختص بعدم دخول الرجال عربات السيدات المحددة، ثم عند ساعات الليل المتأخرة يتم التساهل والتجاوز في هذا الأمر في عربة السيدات الوحيدة المتبقية، فكانت الإجابة أن هذا ليس إهمالا منهم وإنما هو مراعاة ووجهة نظر منهم لروح القانون، فالسيدة التي تعود لبيتها في تلك الساعات المتأخرة، غالبًا ما يكون معها زوجها أو والدها أو ابنها الذي لا يسمح له بالركوب في العربة الوحيدة المتبقية معها، لذا فهي في هذه الحالة لن تركب عربة السيدات وستفضل الجلوس في أي عربة أخرى لكي تشعر بالأمان مع الرجل الذي معها، فغضضنا البصر عن مَن يركب في عربة السيدات في ذلك الوقت، وشددنا الرقابة أثناء فترة ذهابهن للعمل صباحًا وعودتهن منه عصرًا، فهززت رأسي وابتسمت!


 


ابتسمت عندما قرأت الرأي الشائع أن أطفال هذا العصر أذكياء بدرجة تفوق الجيل السابق، ثم قرأت في كتاب آخر قصة إحدى رجال الفقه الإسلامي وسيرته التي تقول أنه طلب العلم طفلا وأخذ قسط وافر من اللغة والأدب والحديث والقرآن قبل أن يبلغ سن الشباب!، فدارت الفكرتين برأيي وابتسمت!


 


ابتسمت عندما قرأت هذه الحكمة الصينية القديمة التي تقول «إذا كان القلب نقيًا، كان الخلق كريمًا، وإذا كان الخلق كريمًا كان ثمّة انسجام في البيت، وإذا توافر الانسجام في البيت كان هناك نظام في الدولة، وإذا توافر النظام في الدولة ساد السلام في العالم»، تعجبني حكمة رهبان الهيمالايا!


توقفت عند هذه الصفحة وتذكرت الآية التي تقول «فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم»، وإعجاز هذه الآية يتمثل في تضمين ثلاث معاني في جملة واحدة وهي «وأصلحوا ذات بينكم» فهي كما يقول الأستاذ النابلسي تتضمن ثلاثة إرشادات إلهية وهي أولاً أصلح نفسك التي بين جنبيك داخلياً، ثم أصلح ما بينك وبين الآخرين، فهذه علاقة أنت أحد أطرافها، ثم أصلح ما بين شخصين


فقلت: أصلح نفسك .. تصلح الآخرين، وقلبت الصفحة وأنا أبتسم!


 


 

Wednesday, October 22, 2008

خطوات ضبابية 2

 



 


(2)


 


رأيت نفسي داخل فصل مدرسي، وكنت جالسًا بمقدمة الفصل وبجانبي طالبان لا أعرفهما، وانتبهت للأستاذ الذي أصبح أمامي وهو ينتظر مني إجابة سؤاله الذي طرحه، فتحركت شفتاي بالإجابة التي لم أفهمها ولم أسمع نفسي أقولها!، فذهب وسأل أسئلة مختلفة لعدد من الطلاب، ثم عاد لمقدمة الفصل، وتحرك نحو حائط لم انتبه له من قبل، وكانت عليه مجموعة من الكتب المختلفة، فأخذ بعضًا من الكتب، وأعطاني أحدهم وكان مجلدا كبيرا، وكذلك فعل ذات الأمر لعدد متفرق من الطلاب، فنظرت إلى غلاف كتابي الكبير، فوجدته يتحدث عن فنون الموسيقى عبر العالم، فرفعت رأسي كي أنادي الأستاذ لأخبره بأنني أريد كتابًا غيره!، وقبل أن تتحرك شفتاي بذلك، تكلم الطالب الذي بجانبي، وأخبرني أن هذا الكتاب ليس عن الموسيقى وإنما هو جزء من موسوعة عامة، فنظرت مرة أخرى للغلاف، فكان على حق، فإذا هو جزء من موسوعة!، ورأيت غيري يحمل الأجزاء الأخرى من تلك الموسوعة التي لم أتبين أسمها، ولكن عندما جاء الأستاذ إلى مقدمة الفصل بعد أن تخلص من حمل مجموعة الكتب التي كان يحملها، قلت له برغبتي في الحصول على كتاب غيره لأنني لا أحب الكتب الناقصة!، فسألني عما أريده وهو يتجه إلى حائط الكتب الذي أصبح فجأة قريبًا مني على غير العادة، فنظرت إلى الكتب ولم أهتدِ، وخَطَرَ في بالي أن أطلب منه ديوان شاعر فرنسي شهير، ولكني لم أجرأ على الكلام، فتقدم الأستاذ وأخذ بيدي، وطلب مني أن أساعده في حمل كتاب، وأشار للأعلى، فنظرت فرأيت كتاب ضخم للغاية تبدو عليه آثار السنين الطويلة، ويقبع وحيدًا في ركن آخر من الحائط، فساعدته في حمله، وأنزلناه إلى الأرض، ولمحت عنوان الكتاب الذي كُتب بحروف ذهبية التهمها الزمن فلم يتبق منها غير بعض البقع الصفراء الشاحبة هنا وهناك، وكان عنوان الكتاب هو «مطالعات الجاحظ»، وانتبهت إلى أننا عندما أنزلناه، وجدنا أن الكتاب كان يخفى وراءه نافذة مفتوحة تسلل منها ضوء الصباح من خلف أسلاك النافذة، وساعدني الأستاذ في فتح هذا المجلد الضخم، فرأيت على أغلب صفحاته خطوط سوداء غير مفهومة، وبعض الكلام غير المرتبط، وعلى صفحات أخرى وجدت صفحات كاملة من معادلات رياضية لم أفهمها، فاعتذرت عن عدم قبول الكتاب، وساعدته مرة أخرى لوضع الكتاب في موقعه السابق، وبعد ذلك خرج الأستاذ من الفصل المدرسي، فألتفت لي بعض الطلاب وعاتبوني لأنني لم أقبل بالكتاب حيث كان سيتيح هذا لهم أن يروا ما وراء تلك النافذة الجديدة التي أخفاها الكتاب مرة أخرى، فأجبتهم بأنني إذا فعلت ذلك، فكيف لي أن أتخلص من هذا الكتاب الثقيل!!


 

Sunday, October 19, 2008

خطوات ضبابية



(1)


رأيت نفسي على شاطئ البحر واقفًا على حبات الرمال الصفراء أنظر إلى صفحة الماء الأزرق التي تملأ الأفق أمامي، كان الوقت صباحا والسماء صافية، وكان بجواري مركب خشبي صغير بمجدافين، ونزلت إلى الماء وركبته وتحرك بي المركب إلى عرض البحر إلى أن توقف، فنزلت منه وحولي الماء في كل مكان، ووجدت نفسي على درجات سلم منحدر يؤدي لكهف أسفل الماء، تابعت خطواتي إلى أن رأيت قاعة متوسطة الحجم، في أحد أركانها حوض زجاجي ضخم أخفى الجدار بأكمله، وبداخل الحوض أسماك أخرى وفقاقيع تتحرك في حركة ناعمة، وكان هناك رجل وامرأة يجلسان بجانب هذا الجدار وعيونهما ملتصقة بذلك الحوض وحركة الفقاقيع والأسماك التي بداخله، تابعت خطواتي للداخل، موليا ظهري للحوض الزجاجي، ثم توقفت واستدرت مواجها له قبل أن أصل للجدار المقابل له بخطوات قليلة، وشعرت بحركة من خلفي فالتفت، فإذا بثلاث شبان أعمارهم متفاوتة وأعرفهم في الحقيقة، يتوجهون نحوي ويجذبوني برفق خطوة للوراء لكي أشكل معهم صفًا، ثم نظرت أمامي فإذا برجل يظهر من العدم، لم أرَ دخوله للكهف، ولم أرَ إلا ظهره وجلبابه الذي يرتديه، وتقدمنا بخطوات يسيرة، ثم كبّر فصلى بنا، فصليت معهم إلى أن أتممنا ركعتين خفيفتين، ومع بدء التفاتة السلام من الصلاة الأولى .. تبدد الحلم، واستيقظت!

خبر جميل




ضاعت محفظة صديقي عمرو في ظروف غامضة!، وبحث عنها بيأس في كل الأماكن والشوارع التي مرّ بها، والأوراق التي تضمنتها من بطاقته الشخصية و كارنية الجامعة لسنته الدراسية الأولى هناك وأوراق خاصة بمعاملات له في الجامعة، وكارنية عضوية النادي، كانت أكثر الأشياء التي شعر من أجلها بالحزن لضياعها.

وبعد عدة أيام وذات صباح، تلقى ورقة مكتوب أعلاها (هيئة البريد المصري بالتنسيق مع وزارة الداخلية)، ومضمون هذه الورقة يقول بأنه تم العثور على بعض الأشياء والمقتنيات الخاصة به، والمطلوب منه الذهاب إلى العنوان المدون والإدلاء بأوصافها لاستلامها، وأسفل  الورقة ختم يقول بأن هذا الإخطار مجاني والخدمة كذلك.

أمر جميل لم أكن أعرفه :)

Wednesday, October 15, 2008

هامش



كنت، ومازلت إلى حد ما، أحب اقتناء الكتب القديمة من أسواق الكتب المستعملة، وأكثر ما يثيرني في تلك الكتب: الهوامش

هوامش القراء السابقين، فهناك متعة خاصة في مراقبة تدويناتهم على صفحات الكتاب أو الرواية أو المسرحية أو الشعر، كأنك تتصفح كتابين في وقت واحد

وأنا رأيت الكثير من الهوامش الخطية، سألخصها هنا:

محاولات بعض القراء نظم شعر في الصفحات الأخيرة الخالية على غرار نمط شاعر الديوان، وغالبًا لا تكون لهذه الأشعار معنى، ويضحكني كثير قراءتها بعد قراءتي للديوان الأصلي.

إبداء آراء حول العمل ككل، فمثلا أثناء قراءتي للرواية أرى على صدرها عبارة: أجمل أعمال هذا الكاتب هذه الرواية وأخرى (يذكر اسمها).

تظليل بعض العبارات الجميلة، والتي تلفت النظر ويصلح الاستشهاد بها، أو وضع علامات على القصائد المميزة ويكتب أعلاها (حسّيت بيها!)

وأجمل أنواع الهوامش التي رأيتها كذا مرة، والتي قراءتها ممتعة جدًا، هي التي تنقد العمل نفسه، فمثلا في أكثر من رواية ومسرحية وجدت مثلا (تغير موقف البطل هنا عما كان في ص61)، أو (لو قال .. لكان أفضل، لما في هذا من التدرج وتجنب التكرار)، وفي إحدى المسرحيات عندما ترك البطل الناس في موقف متأزم عندما لمح حبيبته فذهب إليها وناجاها في مشهد طويل، فكتب القارئ السابق هذه العبارة (وهل هذا وقتٌ مناسبٌ للحب يا فلان)!

وفي أحدى دواوين الشاعر السوري: نزار قباني، المستعملة، وجدت هذه المقدمة بنصها على صفحة العنوان الداخلية :

"بالرغم من أسلوبه الفاضح إلا أنني بحاجة هذه الأيام لقراءة أي شيء تافه، قد زهدت نفسي قراءة الكتب الدسمة لكاتبي المفضل مصطفى محمود، أني بحاجة إلى شيء لا أدريه، ابحث بداخلي عن شيء آخر لكن لا أعرف ما هو؛ ربي أخرجني من أيامي هذه ، أن هذا الشعور يقتلني، يشل تفكيري، يجعلني أسيرته، وأكره أن أكون أسيرة لأحد مهما كان حبه عندي."

بوسي

27/9/80


حاولت أن اقرأ ما بين السطور في هذه المقدمة ولم أفلح للأسف سوى أنها حالة اكتئاب؛ بقى أن تعرف أن عمر كاتبة هذه المقدمة الغريبة ربما كان حينئذ 12 عامًا فقط لأنها كتبت أن هذا الديوان: هدية من "هدى" في عيد ميلادها الثاني عشر!!؛ مَن أنتِ يا "بوسي" ؟!

Tuesday, October 14, 2008

عمل الواجب

 



 


هذه تدوينة موجزة تصف لحظة واحدة :)


وبطلتها مريم، وهي ممثلة صغيرة بالفطرة، وهي في الصف الثاني الابتدائي، هذا ما يقوله كتابها المدرسي على الأقل!، اضطرت جارتها إلى أن تتركها لجزء من اليوم بعد عودتها من المدرسة لبعض مشاغلها، ولم تنس عند رؤيتي أن تطلب مني أن أساعد مريم في حل الواجب، فدهشت لحظة كانت كفيلة بجعلها تضحك وهي تناولني كراسة صفراء وكراسة خضراء وكتاب مدرسي، ورحلت وتركتني مع مريم التي كانت في تلك اللحظة تقطع المكان كله جريًا، وتركض للذهاب إلى الشرفة وهي تكاد تتنطط من أجل الفرجة على الشارع.


نظرت للكراسة الصفراء المكتوب عليها اسم بطلة سباق الجري والقفز بالطبع، وجملة (واجب الحساب)، وابتسمت عندما تذكرت أننا دائمًا كنا نربط اللون الأصفر بالحساب، وغالبا ما يختاره المدرس، وفي إحدى السنوات الدراسية دخل الأستاذ في أول يوم وخيّر الفصل في لون يختاره لتجليد كراسة الحساب، ليجيب الفصل جميعا: أصفر يا أستاذ!


يبقى تساؤل: هل هناك علاقة (طردية) بين شحوب اللون الأصفر وبين شحوب وجوهنا عند مواجهة امتحان الحساب؟؟


وتساؤل آخر: لماذا عندما دخلت المرحلة الإعدادية ظل أصدقائي يضحكون عندما أذكر كلمة (الحساب)، ويقولون تقصد رياضة أو math??


تنططت مريم أمامي مرة أخرى، بشعرها الأشقر الذي أراه أقرب شيء للون البرتقالي الزاهي، فتابعتها بعيني وأنا أنظر للكراسة الخضراء وأقرأ المكتوب عليها (واجب عربي)، هذا جميل!، لكن شعور السعادة تبدد عندما فتحت الكراستين، كان الكلام منمق بخطها الصغير بلا أي عيوب أو شخبطة، وإشارات التصحيح بالقلم الأحمر على الصفحات السابقة، إذن ما السبب في شعوري هذا؟


السبب كان نظام التعليم في مدرستها!، كان الأمر يعتمد على طريقة مريحة للغاية لكل من التلميذ والمدرس، فعلى صفحات كراسة الحساب كان الواجب في اليوم الأول الذي تم إنجازه هو كتابة الأرقام 1 2 3 إلى رقم 100، وفي اليوم الثاني من 101 إلى 200، وهكذا!!، وكان الواجب اليوم هو كتابة الأرقام من 401 إلى 500 !!، أين التعليم!، فالأرقام تتكرر ويكفي التلميذ تعلم من واحد إلى عشرة ومفهوم العشرات والمئات بدلا من كتابة أرقام بشكل روتيني جدا!


وفي كراسة العربي كان الحال أسعد قليلا، فالمطلوب كان كتابة الفقرة التي أخذته النهاردة أربع مرات،مع بعض التمارين البسيطة على اللام الشمسية والقمرية وأدوات الإشارة، فجلست بجانبها انطق الكلمات وهي تكتب، وهي تصرّ أن المدرسة طلبت من الفصل كتابة الفقرة ثلاث مرات فقط (واللي هيعمل أكتر من تلاتة مش هتصححلوا!)، ولكن أقنعتها بعد شد وجذب وهرب أن تكتب فقرة رابعة أيضًا، وكانت حجتي في كدة أن الدرس السابق كان المطلوب كتابة الفقرة أربع مرات مش تلاتة ^_^


--


سؤال الواجب:


س: ليه مريم ممثلة صغيرة بالفطرة؟


ج: عشان طوال جلوسنا لكتابة الواجب كانت تتقمص دور مدرستها، وهي تقول بلهجة آمرة اللي معملش الواجب هيقف هناك وهكتب اسمه!،  وبعدين تقول وهي تشير إلى كتابها: حطوا الكراسات قدامكم وأنا هعدي عليكم بالدفتر دلوقتي!، كل ذلك كانت تقوله وهي تنظر إلى اللاشيء أمامها كأنها تخاطب الفصل، أو أحيانًا تخاطبني أنا وتقول وهي تضع أصبعها على فمها: هش! مش عاوزة أسمع صوت منكم!

Sunday, October 12, 2008

خطوات ضبابية




أقصد بتلك الخطوات الضبابية .. عالم الأحلام .. وهو عالم واسع لا نعرف عنه الكثير، وهو عالم رحيب مثير بشكل غامض، وفي التاريخ الإسلامي نقرأ أن طفلا صغيرا استثاره جلوس النبي عليه السلام في المسجد وهو يسأل الصحابة بشكل يومي تقريبا عن أحلامهم ومن حلم منهم الليلة الماضية ليفسر له الحلم، فتمنى هذا الصبي أن يقول «أنا!» عندما يسأل النبي أصحابه المرة القادمة عمّن رأى منهم حلما ليلة أمس!، وقد تحقق هذا وحلم هذا الصبي ذات يوم حلما مخيفا رأى فيه كأنه يذهب إلى النار وهو يتعوذ منها!، واستيقظ الصبي بعد أن تحطمت أمنيته في أن يقول للنبي عليه السلام هذا الحلم!، فأيّ بشرى قد يقولها له والحلم مخيف كما يرى، ولكنه أخبر أخته التي قامت لتخبر هذا الحلم للنبي عليه السلام الذي ابتسم ثم قال «نِعْمَ الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل فيكثر »، وروى التاريخ أنه كان بعد هذا لا يترك قيام الليل أبدًا في السفر والبيات إلى أن مات، وهذا الرجل هو .. عبد الله بن عمر بن الخطاب .. رضيَ الله عنهما

وأنا أرى أنه من سحر وإثارة سورة يوسف عليه السلام في القرآن أنها بدأت أحداثها بحلم رآه يوسف فقصّه على أبيه يعقوب، ثم استمرت الأحداث والشخصيات من لعب يوسف مع إخوته ومشهد البئر والقافلة وملك مصر وامرأته «زليخا» والصديقات والسكاكين والسجن والسجّان وصاحبي يوسف في السجن والنبيذ والطير الذي تأكل من رأس المصلوب، وإحساس الأب بعودة ابنه مع تكذيب الجميع ذلك والبشارة والفرح وعودة البصر وطلب الإخوة المغفرة والصفح، وكل تلك الأحداث التي تمرّ بنا في عالم لا مثيل له، لتنتهي قصة سيدنا يوسف كما بدأت، بتذكر الحلم بعد أن تحقق، فيقول يوسف لأبيه عليهما السلام في ختام السورة «يا أبت هذا تأويل رؤياي!».

وكثير من الروائيين وكتّاب المسرح فتنهم هذا الأسلوب البديع أي أن تكون البداية حلم أو نبوءة يتم ذكرها في النهاية بعد أن تتحقق، فشكسبير في مسرحيته «ماكبث»  وضع أساس مسرحيته على تنبوءات وأحلام عجيبة تحققت جميعها بشكل مدهش على مدار المسرحية إلى أن  انتهت وغادرت عقول جميع المشاهدين المسرح وهي تفكر في أحلام وتنبوءات البداية، ومسرحية «شجرة الدر» لعزيز أباظة بدأت بمشهد بديع وساحر لنبؤة من عرّاف عجوز أعمى تنبأ بأن جميع من في الخيمة سيصبحون ملوكًا بمن فيهم شجرة الدر!، ليضحك الجميع من نبوءته السخيفة ليتذكرونها في آخر فصول المسرحية وهم يرونها تتحقق بشكل عجيب فيهم جميعًا.

             

ما فائدة هذا الموضوع؟، لا شيء وإنما هي فاتحة إن شاء الله لتسجيل ما يثيرني من أحلامي، حتى لا أفقد آثار رحلتي في ذلك العالم الضبابي، انتظروها قريبًا إن شاء الله تحت عنوان دائم هو( خطوات ضبابية)

Tuesday, October 7, 2008

فرح

حضرت ثاني أيام العيد كتب كتاب وفرح بنت خالي، كان أجمل ما في الفرح هو هذه الجماعة من الأصدقاء:





وهذه صورة التقطتها، وأحببتها بعد رؤيتها، فسرّ عمق هذه الصورة الأول أن كل شخص بها يشكل حالة تستحق التأمل، وسرّها الثاني أن بعضهم غير منتبه للكاميرا مع أن غرض وقوفهم واجتماعهم معا في هذ االمكان بالذات هو التصوير فقط!، والسرّ الثالث هو جو المرح الذي يحيط بالصورة الذي يتوافق مع الجو النهاري، والسر الأخير أنهم أصدقائي :)



هذه الصورة تم التقطاها بعض لحظات بسيطة من الصورة السابقة، والسبب بسيط، بعد أن أخذت الصورة السابقة أقبل نحوي هذا الذي يرتدي بذلة سوداء، وشاهد ما ألتقطته وأعترض لأنني لم أصوره وهو ينظر إلى الكاميرا!

فأخذوا مواقعهم مرة ثانية، ونظروا كلهم هذه المرة، وابتسموا، .. وجاءت هذه الصورة أعلاه!




مهيب!، أليس كذلك؟

هذه صورة «بُلّةْ» كما أسمّيه أو «بلال»، والبعض يدعوه «بلبل»، وهذا التعبير المهيب هو ما خطر على بالي عندما دخل قاعة الزفاف عند وصوله وجلس في مواجهتي على المنضدة!، كان منظر مثير للتأمل!، فوضعت الكاميرا أمامي على طرف المنضدة من ناحيتي، وشاركتكم بنظرتي له!!

ملاحظة: ذلك الشيء الذي بالقرب من طفاية السجائر هو أو هي سكّريّة، ولم اعرف فائدة السكر على وجه اليقين إلا بعد ما قدموا لنا الشاي الذي لم أشربه!



الآن مع صورة ذات أهمية أكثر، لحظة توقيع العقد!، وماجد هو الذي التقطها بمهارة عالية ومن زاوية مبهرة، والذي يوقع عقد الزواج في الصورة ليس العريس!، لا تقلقوا!، وإنما هو والد العروس فقط ^_^


ويتبقى الأفضل للنهاية، صورة العروسين، وألف مبروووووووووك لكما، وشهر عسل لذيذ ودامت سعادتكما، وشكرا يا ماجد على هذه اللقطة الرائعة أيضًا :)

ملاحظة أخرى: بعض الصور ليست بالحجم الأصلي، لرؤيتها بشكل أوضح قليلا اضغط عليها بزر الماوس الأيمن واختار
 view image

أنا كسول .. وهذا ليس اعتراف!


هذه المدونة التي تقرأها الآن عمرها الفعلي عدة شهور بلا أي فائدة منها، بداية من اختيار الاسم، وعملية اختيار الاسم هذه دليل آخر على الكسل، كسلي أنا بالطبع، فأنا لم أفكر في التسمية، وإنما قلت لنفسي سأفتح إحدى الروايات التي ستكون أول ما تقع عليها يدي في المكتبة، وفعلت ذلك بالفعل، وأمسكت الرواية المترجمة التي لا أتذكر اسمها بالمناسبة، وفتحتها على صفحة عشوائية، فوقع نظري على تلك الجملة تقريبا (إذن سأعطيك عشر ليرات فرنسية في اليوم على أن تعمل معي في مصنعي)، لا أتذكر الجملة تماما وأشعر بالكسل الآن من مجرد التفكير في قيامي للبحث عنها ومحاولة تذكر اسمها ثم محاولة إيجاد تلك الصفحة العشوائية!، وأول موضوع في هذه المدونة يرجع تاريخه إلى 8 سبتمبر 2008، وقارن بنفسك تاريخ هذه التدوينة بتاريخ التدوينة الأولى!، ثم أن التدوينة الأولى لم تعجبني قرأتها مرة أخرى فلم أعرف ماذا كنت أريد أن أقول!

أتعرفون، القراءة لدي نوع من أرضاء هذا الكسل، فهي لا تتطلب الكثير، مجرد أريكة وثيرة، وغرفة هادئة وكتاب!، أيوجد شيء يشجع على الكسل والاسترخاء أكثر من ذلك!

أتعرفون، تفضيلي لركوب المترو بدلا من ركوب السيارة أو الميكروباص أو التاكسي في المشاوير البعيدة يعتبر وسيلة أيضًا من وسائل إرضاء كسلي، فالتذكرة موحدة فأنا ليس في حاجة إلى مجرد السؤال عن سعر التوصيلة أو التذكرة ولا للتكلم مع بائع التذاكر في محطة المترو، فقط أخرج من جيبي السعر الموحد للتذكرة ثم أنتظر المترو في صمت، ثم أركب وافتح كتاب من الحجم الصغير في يدي واقرأه أو أطويه وأتأمل المكان من حولي، حتى عملية اختيار ذلك الكتاب الصغير أصبحت معتادة، فقد وضعت في شرفتنا حقيبة حمراء متوسطة الحجم تضم عشرات الكتب ذات الحجم الصغير المناسب لتلك الحالة، فلا أحتاج سوى لدخول الشرفة واختيار كتاب عشوائي ليصاحبني في تلك الرحلة!

أتعرفون، أكثر شيء أبهجني عندما أنهيت الدراسة الثانوية ودخلت الجامعة، هو عدم اضطراري مرة أخرى إلى الاستيقاظ الساعة السادسة أو السابعة صباحا لكي أذهب للمدرسة!

وأيضًا، وجباتي المفضلة التي أصنعها بنفسي هي التي لا تستغرق أكثر من دقائق لإنهائها، فأنا وربما لأنني مازلت شاب، لا أرى ضرورة لمنطق أن أرهق نفسي في طبخ وجبة واحدة لي في حوالي الساعة لكي آكلها بعد ذلك في دقيقة!

وإذا ما تساءلتم!، فإن كتابتي للتدوينات الطويلة يعود إلى الكسل في التفكير أني قد أنتهي قريبا واضطر للقيام لإيجاد عمل آخر يشغلني، إذن ماذا يضر الجلوس قليلا!

والغريب!، يقال أني صبور!، ويتكرر هذا كثيرًا!، والحقيقة أن هذا نوع من أنواع الكسل، والسبب بسيط، لماذا أخرج من حالة دقيقة الصبر الأولى!، ليس هذا وقته، وماذا يضر الانتظار قليلا!

آه!، نسيت!، مرحبًا بكم من مدونتنا النشيطة إن شاء الله ^_^